أسلوب رجال المافيا ٢٦

 [26]

[ إياكم أن يفلت هؤلاء المجرمون !]

.....

 أشرقت شمس الصباح، واقتربت من توسط السماء، حين وصل مالك النزل إلى غرفة فيكتور وهو يحمل المفاتيح.  

 تمتم بتذمر: "كيف يفقد المفتاح وهو في غرفته؟"  

 أدخل المفتاح وأداره، وما إن انفتح الباب حتى تجمد في مكانه، مذهولًا برؤية أيلا نائمة على سرير الزعيم.  

 تسلل الخجل إلى ملامحه ، غير مصدقٍ لما يرى.  

 لكن صوت الماء المتوقف نبهه، لتقع عينيه على فيكتور الخارج من الحمام.

 وقف الرجل مذهولًا، وقال بتلعثم: "آسف سيدي... لم أقصد التطفل، لم أتوقع أن..." ثم تاهت الكلمات منه.  

 أجابه فيكتور برزانة ، وهو يقترب: "لا بأس."  

 تناول المفتاح من يده، بينما ظل مدير النزل يحدق في أيلا النائمة.

  همس في نفسه ووجه يحمر من الخجل :  

 "إنها جميلة... ، هل هي عشيقته الذي يتحدث عنها الجميع؟"


                           ******


اما كلارا.....

فقد أعدّت كوب قهوة لنفسها ، وجلست قرب النافذة تقرأ الصحيفة.  

 تصدّر خبر تهريب لوكاس الصفحة الاولى مرفقاً بوفاة الشرطيين، وتلاه خبر العثور على جثة هيلين في منزل فيكتور المائي. كانت الصحيفة مكتظة بأخبار العصابة.  

 رن جرس الباب، فوضعت قهوتها بهدوء. طوت الصحيفة، وتوجهت لتفتحه.  

 تفاجأت بدانيال أمامها.

 اقتحم المنزل وقال دون مقدمات:  

"آسف على الإزعاج كلارا ، أحتاج إلى التحدث معك فورًا."  

 وقف في وسط الغرفة، قال وهو يديه على خاصرته :  

 "أولئك المجرمون يفلتون منا. جميع منازل فيكتور ومستودعاته فارغة، حتى رجاله وخدمه اختفوا."  

 تذكرت كلارا خبر سفرهم الذي أخبرها به كلاود، فخفضت عينيها نحو الأرض.  

 التقط دانيال تلك الإشارة، وسأل بانتباه:  

 "هل لديك أي معلومة قد تفيدنا؟"  

نظرت إليه بدهشة، وهي تكاد تصدق أنه قرأ أفكارها.  

 لكنها ردت بهدوء: "لا، لم أتحدث مع كلاود منذ فترة."  

 قال دانيال: "اتصلي به. فقط تحدثي، وسنتعقب مكانه من خلال الاتصال."  

 انقبض قلبها للحظة.  

لمح دانيال هاتفها على الطاولة، التقطه و شبكه بجهاز تتبع، ثم مدّه لها:  

 "فقط أطِيلي المحادثة لخمس دقائق."  

 أخذت كلارا الهاتف بيد مرتجفة. هل يجب أن ترفض؟ هل ستقع في مشكلة إن لم تتعاون؟  

 دون أن تعي، كتبت رقم كلاود وبدأ الاتصال.  

رد سريعًا: "أجل، كلارا "  

 ارتجف قلبها، بينما تحمّس دانيال.  

 أغلقت مكبر الصوت تلقائيًا، وقرّبت الهاتف من أذنها، وهي تلاحظ نظرات دانيال المتفحصة.  

 قالت بعد لحظة توتر: "أنا فقط... اشتقت لك."  

 قالتها لتطفئ شك المحقق من إغلاقها المكبر.  

 تابعت: "هل كل شيء بخير معك؟"  

رد كلاود: "أجل، سنغادر بعد نصف ساعة. ما زال بإمكانك القدوم معنا إن غيّرت رأيك."  

 نظرت كلارا إلى شاشة التحميل على جهاز التتبع ، بينما تتابع الاستماع الى كلاود.

لو تابع الحديث اكثر ، سيعرفون موقعه.  

و دون تردد، أغلقت المكالمة.  

 استغرب كلاود من الطرف الآخر، بينما انتفض دانيال:  

"لماذا أغلقتِ المكالمة ؟!!! "  

قالت بتردد : "لقد أخبرني بمكانه..."  

 اتسعت عينا دانيال: "وأين هم؟"  

 أجابت بصوت خافت والندم يعصر قلبها: "عند ميناء المدينة... سيغادرون بحرًا."


                            ******

لم تستغرق سيارات الشرطة سوى ربع ساعة لتجتاح المكان و تحاصر الميناء.  

صرخ دانيال: "فتشوا جميع السفن! إياكم أن يفلت هؤلاء المجرمون!"  

اقترب أحد عمال الميناء، وقال بتوتر: "ما الأمر؟ حضرة المحقق، أؤكد لك أننا لا نهرب مجرمين في سفننا."  

رد دانيال باستخفاف: "بالطبع... من المتوقع أن تكذب إن كنت..."  

 لكنه لم يُكمل، إذ داهمه شك زلزل كيانه....، ماذا لو كانت كلارا تكذب؟  

 أخرج هاتفه واتصل بزميله: "تعقّب هاتف كلارا آل دريتيش."  

 وبما أن كلارا تستخدم خطًا دوليًا، أمكن تعقّب موقعها بسهولة ، على عكس فيكتور وكلاود اللذين يستخدمان خطوطًا مشفّرة.  

بعد لحظات، عاد الشرطي بالخبر: "إنها في طريق سان رافيكل."  

 احتار دانيال، فلما قد تذهب كلارا الى ذلك الطريق ؟

 ثم تذكّر إنه يؤدي إلى مزرعة تحتوي على طائرات خاصة بإحدى الشركات.  

 صرخ: "اطلب من شرطة سان رافيكل اللحاق بها فورًا!"


---


كانت كلارا تقود بجنون على خط سان رافيكل ، كانت قدماها تضغطان على دواسة السرعة وكأنها تهرب من احدهم.  

صحيح أنه لم يكن أحد يطاردها بعد، لكن فكرة أنها كذبت على الشرطة كانت كافية لتجعل قلبها يظرب.  

كل لحظة تمر ، وكل انعطاف في الطريق ، كان يزيدها قلقاً.


ثم دوّت صفارات الإنذار فجأءة .  

نظرت في المرآة، فرأت سيارات الشرطة تطاردها.  

ارتجفت يدها، وانزلقت عجلة القيادة قليلًا، حتى أنها كادت تصطدم بالحاجز، لكنها تماسكت في اللحظة الأخيرة، وعادت إلى المسار.


واصلت تلك القيادة الجنونية حتى وصلت إلى حقلٍ واسع، لا شيء فيه سوى الطائرة التي بدأت محركاتها بالهدير.  

ترجلت من السيارة، وبدأت تركض دخل الحقل.

ركضت ، و ركضت ، حتى شعرت بانفاسها تتقطع.

كانت عيناها معلّقتين بالطائرة التي بدأت تتحرك، وكلاود يمد له يدها من الباب المفتوح ، ويصرخ لها لتسرع .  

كانت كلارا تلاحظ أنه ينظر إلى خلفها ثم يعاود النظر إليها بمزيد من القلق.

تمنت فحسب الا تطلق الشرطة النار عليها .

في اللحظة الأخيرة، وصلت إلى الطائرة، وصوت المحرك بدا يعلو.  

أمسك كلاود بيدها وسحبها إلى الداخل، بينما أغلق أحد الرجال الباب خلفها.


وقفت كلارا بين ذراعي كلاود ، وهي تلهث.

 ثم رفعت عينيها لترى فيكتور ، أيلا ، صوفيا ، و أخيراً لوكاس ، يحدقون بها...... 

نظرة فيكتور كانت الاسوء ، حتى تمنت كلارا لو انها لم تُقدم على فعلتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة