أسلوب رجال المافيا ٢٥

 [25 ]

[ ساعود من أجلك ، اعدك ]

........

قريباً من منتصف الليل ...

 انتقل الجميع الى نزل في اطراف المدينة ، فمنازل فيكتور لم تعد امنة.

كان صاحب النزل يعمل لصالح فيكتور بالفعل ، والنزل في الحقيقة ملك لزعيمه ، لدى اخدت عائلته جناحا خاصا هذه الليلة.

   

كانت صوفيا وايلا غائبتان عن غرفة المعيشة ، بينما لوكاس يتكئ على الاريكية و فيكتور واقفا خلفه.

كانت عينيه تطلقان شراراً نحو كلاود الذي يتهامس مع كلارا قرب النافدة .


لاحظ لوكاس تلك النظرات , فنادى ، وهو يمد يده نحو الكأسا الواقف على الطاولة : " ابي .... " 

اختار تلك الكلمة بعناية , فهو يعرف اي وتر تلمس ، واي غضب تطفئ.

تابع بعد ان اخد رشفتين : " مالذي سنفعله الان ؟ ، يشتبهون بي بجريمة قتل ، و الشرطة تبحث عنك ايضا " اضاف بعد ان اعاد الكاس الى مكانه : " ناهيك عن امي الذي ستنخرط بالامر اذا وجدوا بصماتها في مكان الجريمة " 


حك فيكتور دقنه لبرهة ثم أجاب : " سنغادر البلاد " 


رفع لوكاس راسه إليه فتابع : " سنغادر غدا , بطائرة خاصة ، اخبر تلك الدابة ان يتجهز اذا كان سياتي معنا " 

قال كلماته الاخيرة وقد حول نظره نحو كلاود .


  -----

مر الوقت وركضت عقارب الساعة نحو منتصف الليل ..... 

  كانت ايلا جالسة على سريرها تتنتهد بحزن , وقد فارقها النوم .

همست : " كان يجب ان اكون عروسته الليلة " ، ثم اخدت نظرت نحو الباب .

فكرت : " هل لايزال مستيقطاً يا ترى ؟ " 


قادتها قدامها خارج الغرفة واخدت تسير في رواق ، إذا لم تخطئ ، فغرفة فيكتور يجب ان تكون الاخيرة كما قال مدير النزل.

اقتربت من الباب لتجده شبه مفتوح ، وإنارت خافتة تنبثق منه .

ارسلت طرقتان نعامتان ، مثل يدها ، ثم دخلت .

لمحها فيكتور الواقف في منتصف الغرفة يفك ازرار قميصه .

قال : " ايلا ؟ " ثم تابع وهو يعود الى الانشغال بازراره : " الم تنامي بعد ؟ " 


قالت : " اعاني من الارق هذه الأيام " صمتت للحظات ثم نطقت : " الى متى سنبقى هنا ؟ "

 الحقته سريعاً بسؤال الذي جاءت من اجله : " وماذا عن عقد زواجنا ؟ " 


رد عليها : " لن نبقى كثيرا ، سنسافر غدا الى خارج البلاد ، اما العقد فسنأجله الى ان تستقر الامور ، فالشرطة تفتش عنا في كل مكان ، احداث جلبة ليس لصالحنا "

ومع انهاءه كلامه تجرد من جزء من قميصه ثم تجمد للحظة..... 

  تذكر ان التي معه بالغرفة أيلا وليس هيلين.

شتم نفسه مرتان بسر ، ثم اعاد قميصه ليستر كتفيه العاريتان.

قال وهو يلتفت إليها بينما يعاود قفل ازراره : " الوقت ليس مناسباً لعقد زواج "


 همست : "فهمت " وهي ترغب في أعماقها بضغط عليه.....

استدارت نحو الباب وهي تقاوم تلك الافكار الطائشة التي تتردد في ذهنها ، لكن جميعها اصبحت غير عقلانية مقارنة بما خطر على بالها الان ....

كان مفتاح الغرفة لزل معلقاً داخل فتحته , ولا احد بجوار .

اغلقت الباب بهدوء , وادارت المفتاح , ليصدر صوت انقفال .

التفت فيكتور مستغرباً من ذلك الصوت ، ليندهش من رؤية ايلا ترفع يدها وتهز بالمفتاح 


 تسللت الى صدره نار خفيفة ، قال وهو يتجه نحوها : " ايلا اعطني المفتاح "


وضعته خلفها، واخدت تدور في الغرفة قائلة : " أريد الحديث معك ليس إلا " 

قال بحدة وهو يمد يده: "سنتكلم غذا ايلا ، اعطني المفتاح "  

لكنها لم تقتنع. فقط قالت : " اشتقت لك كثيراً ، لن استطيع الانتظار الى الغد ...."  

  

بدأ صوته يرتفع، كعادته حين يشعر بانه بدا يفقد السيطرة 

"أعطيني المفتاح، أيلا. لا أمزح معك ! "

قالت : " حسنا ، حسنا " وهي تتراجع بهدوء نحو النافدة الشبه مفتوحه ، و فجأة، رمت المفتاح منها .  

تجمّد فيكتور ... نظر إلى النافذة، إلى الفراغ الذي تركه المفتاح، وكأنها رمت الحاجز الاخير .

 ثم بدأت بالنحيب :

"فيكتور ارجوك ، متى كانت اخر مرة قضينا فيها وقت معا ! ، اشعر بالاختناق عندما لا تكون في جوار ! "  

كلماتها تسللت إلى صدره، لتصبح حطباً لنيرانه التي يحاول اطفائها .  

وضع مسافة بينه وبينها ، ثم اتكى على الخزانة واخد يتحسس سطحها باحثا عن اي شيء ...

 أمسك بزجاجة صغيرة، ثم بقداحة، حتى استقرت يده على دبوس ... 

التقطها بأصابعه، و غرزها في راحة يده، ببطء، كمن يحاول أن يوقظ نفسه بالألم.  

لكن ايلا التي لم تكن تدرك مايفعله خلف ظهره تابعت : " هل تغير شيء ؟ هل فقدت جمالي ؟ ، اذكر انك لم تكن تبتعد عني عندما تواعدنا سابقاً ، "

واصل فيكتور غرز الدبوس، آملاً أن يشغله الألم عن الحرارة التي تشتعل في داخله

قالت أيلا باستسلام بعد ان نفدت منها الاسباب " أم أنك لم تعد تحبني يا فكتور ؟ "


لم تنهي عبارتها إلا وقد ارتماء دبوسٌ الى ناحية الاخرى من الغرفة بسرعة خاطفة.


ايلا بفزع : " ماكان ذلك !"


حولت نظرها من الجدار الى فيكتور الذي بدأ يقترب... 

كان يقترب منها كما لو أنها آخر شيء في العالم.  

نظراته، أنفاسه، يديه... كلها تقول انه فقد السيطرة


----------

في زاوية اخرى من النزل ، كانت كلارا ترتدي حدائها امام باب الخروج تستعد للرحيل 

ارسل كلاود تنهيدة ، ثم قال وهو يتبعها بخطوات مثثاقله : " لما لا تاتين معنا ؟ " 

ردت : " لا يمكنني ترك شركة والدي ، و املاك عائلتي ، كما انني لا استطيع البقاء مع هذا الرجل " 

كلاود : " إذا أبقيَ حتى ياتي الصباح ، الوقت متاخرا جدا الان " 

قالت بعد ان انتهت من ارتداء حدئها : "ساكون بخير ، ساخد سيارتك "

استدارت ، قالت وهي تنظر إليه : " ماذا عنك ؟ ، لما تصر على ذهاب معهم ؟ " 

رد عليها : " مازالت تحت المراقبة ، وبما انني اعمل لدى عمي فلن تتركني الشرطة وشائني " 

امسكت كلارا بيده وقالت : " تخلى عن كل هذا ، ودعنا نعش بهدوء " اضافت : " نحن الثلاثة.... " 


ضغط كلاود على يدها وقال : " لايمكنني الان ، بقائي معك خطر عليك ، لكنني ساعود من أجلك ، اعدك " 


-----------

"إنها فقط قبلة... واحدة فقط."  

هكذا فكّر فيكتور ، كمن يقنع نفسه أن ما سيحدث لن يتجاوز الحد.  

اقترب منها، ببطء، ووضع يده السليمة على وجنتها، ضغط برفق ثم بقوة وسرعان ما التصقت شفتيه بشفتيها.  


كانت البداية ناعمة، مترددة، مثل القبلات التي أعتادت أيلا عليها.

 قبلته اشعرتها انها مرغوبة محبوبة ، لكن شيئًا ما انكسر في المنتصف..... 

يده الأخرى امتدت خلفها ، ثبتها من ظهرها ، ثم بدأ يلتهمها.  

لم تعد قبلة، بل تفريغًا ، كأن كل ما كتمه انفجر دفعة واحدة.   

  تراجعت أيلا قليلا ، تحاول أن تلتقط أنفاسها، وفي لحظة خاطفة، لمحت يده.  

صرخت، بقلق مفاجئ:  

"فيكتور! يدك!"  


أجاب وهو لا يزال ممسكًا بخدها، كأن شيئًا لم يحدث:  

"انجرحت سابقًا... مجرد شيء بسيط."  


لكنها لم تهدأ، نظرت إلى الدم المتسرب من راحته، وقالت:  

"بسيط؟ أنت تنزف... هذا سيء، عليك أنـ......"  


قاطعها بحدة:  

"أيلا!"  


شهقت، ثم ساد صمت مشحون.  

تابع بصوت أخفض، فيه شيء من التماسك المصطنع:  

"قلت لك... إنه بسيط."  


ثم اقترب منها مجددًا،  

عيناه لا ترى إلا وجهها،  

رغبته تنهض في صدره كوحش لا يُكبح.  

كان على بُعد أنفاس منها،  

مليمترات فقط من معاودة تقبيلها ، 

 يتوعد في داخله بأنها ستنجب ابنه الرابع الليلة ،

حين قطع صوتٌ كل شيء.  


صوت بكاء... طفلته.  

تجمّد.  

نظر إلى عيني أيلا، وفي الخلفية سمع خطوات صوفيا تسرع نحو الغرفة لتسكت الصغيرة.  


لكن الصوت كان قد فعل فعله.  

أوقفه.  

أيقظه.  

كأن العالم كله عاد ليذكره 

أنه أبٌ أيضًا ، انه بالفعل اخطاء من قبل ولا يجوز ان يكرر غلطته ...


افلتها وهو لايزال ينظر إليها ، واخد نفسين نادماً على مافكر به للتو ....


قالت : " فيكتـ..." 

قاطعها : " ستنامين على السرير وانا على الكنبة"

تابع وهو يتجه نحو الطاولة ـ التي تتوسطها علبة مناديل - : " المفاتيح الاحتياطية مع مالك النزل ولن يعود الا بحلول الصباح"

 ثم اللتقط حفنة مناديل ، و اخد يضغط على جرحه.

ايلا بقلق : " هل يدك بخير ؟ " 

رد عليها : " اجل "


لم تحب ايلا تلك اللكنة التي رد به عليها ، فهي تخبرها ان فيكتور بناء حاجزاً بينه وبينها .

تسلل الحزن الى قلبها ، وتسرب في ملامحها ، فأيلا، لا تريد شيئًا سوى وجوده بجوارها، فهي ترى الحب في القرب، 

أما فيكتور، فيراها أخطر عليه من رصاصة عدو.

تعليقات

المشاركات الشائعة