أسلوب رجال المافيا ٢٤

 [24]

 [كنت أعلم أن المصائب ستأتي من هذا الوجه] 

.....


جلس لوكاس مكبل اليدين في المقعد الخلفي لسيارة الشرطة، رأسه مائل إلى زجاج النافدة ينظر الى انعكاسه بتعب.


أما في المقعد الأمامي، كان الشرطي الشاب يقود بهدوء، يصفر لحناً قديماً ليكسر صمت الطريق. بدا كل شيء عادياً حتى رنّ الهاتف.


فتح الشرطي المكبر :  

"نعم، حضرة المفتش"


دو صوت المفتش صارخاً :  

"انتبه جيداً! ، المعتقل الذي معك هو ابن أخطر رجل عصابات في البلاد. هناك أنباء مؤكدة أنه سيحاول تهريبه الليلة!"


تبادل الشرطيان نظرات مرتجفة، بينما رفع لوكاس رأسه ببطء، وفي عينيه ومضة أمل.


اضاف المفتش، بصوت متسارع:  

"فريق المحقق دانيال في طريقه إليك. فقط تماسّك حتى يصل."


لكن أملهم لم يكن وحده في الطريق.


دوي مكتوم ، عقبه دخان كثيف انفجر أمام السيارة.  

سحب الشرطي المقود يميناً ويساراً، يحاول اختراق الضباب، لكن فجأة ظهرت أمامه سيارات سوداء، نوافذها مظلمة، وأسلحة تخرج منها كأنياب ذئاب.


الكمين بدأ.


اطلقوا النيران بشكل جنوني على الاطارات والزجاج الامامي حتى اصبوا الشرطيان بتلك الطلقات الطائشة.

انقضّ الرجال على السيارة، فتحوا الأبواب، سحبوا الشرطيين أرضاً، وأمطروهما بالضربات فوق جراحهم . 

 تقدم رجل يركض بحترافية وهو يحمل أداة قطع ضخمة، فتح الباب للوكاس وبدا يكسر قيوده.


رفع الشرطي الجريح نظره الى لوكاس ، الذي يتم تحرير يديه ، فتذكر تدريبه : 

"إذا كاد المجرم أن يفر، أوقفه... بأي وسيلة."


اخد يزحف نحو السلاح الذي رُمي قربه . مدّ يده المرتجفة، و أمسك السلاح، ثم صوّبه نحو لوكاس ، و ضغط الزناد.


الرصاصة انطلقت.


نظر لوكاس الى الصوت ليرى رصاصة تتجه إليه ، انحرفت قليلاً ، متجهة نحو صدره وبنهاية استقرت في كتفه.


 -------------



كان فيكتور جالساً على صندوق خشبي، يحيط به رجاله في احدى الازقة المطلمة ، كان يدخن سيجارته بعصاب تالفة من تاخر رجاله ، حتى رأى ابنه يُحمل بين الأذرع.


نهض فيكتور ببطء، قال وهو يرمي السيجار أرضاً :  

"ما هذا؟"


اقترب احد الرجال، قال وهو يلهث:  

" شرطيٌ أطلق عليه سيدي."


 اقترب فيكتور ببطىء من ابنه ، ودنى إليه ليرى محل الجرح ، كان في نفس المنطقة التي اصيب بها يوم اطلق عليه القناص .

شتم فيكتور : " اللعنة ! "


حاول لوكاس النهوض قائلا :  

"أنا بخير ، بالكاد اصببتـ ..."

 لكن فيكتور اعاده الى الارض بعنف لا يُعامَل به جريح ، ليزداد لوكاس ألماً فوق المهه

 قال فيكتور بصوت خافت مشحون بالغضب:  

"أنت لست بخير. ولا أحد منهم سيكون."


نهض فجأة، والتفت إلى رجاله، صاح بصوتٍ اشبه بزئير:  

"من سمح لهذا أن يحدث؟ من ترك ثغرة؟ من لم يغطِ زاويته ؟!"


تراجع الرجال ، وطأطئو رؤوسهم.


لهث فيكتور من الغضب ثم التفت إلى أحد رجاله وزمجر :  

"أحضر طبيباً فوراً. وإن لم يكن هنا خلال خمس دقائق، سيغادر زاحفاً."


--------


أما عن كلاود، فقد استعان برجال عمه لتعقّب الواشي. 

كان ينتظر في نقطة اللقاء، ينظر من حين لآخر إلى ساعة هاتفه، يتأكد أنها لم تصل بعد إلى منتصف الليل.


وصل الرجل أخيرًا، يلهث من الركض، وقال بصوت متوتر:  

"سيد كلاود ، *** غادر البلاد. الشرطة وضعته في برنامج حماية الشهود، وسيشهد ضد الزعيم في المحكمة."


اتسعت عينا كلاود، وعلم ان عمه سيكون في مشكلة .  

تابع الرجل:  

"على الأرجح، سيُداهمون منزل الزعيم الليلة... أو صباح الغد."


ضرب كلاود على ذراع الرجل، وقال :  

"احموا المستودعات. سأذهب لمقابلة فيكتور."


ثم توجه إلى مستودع رقم 6...


---


في الداخل، كانت ايلا تحمل الطفلة بين ذراعيها، تهزّها من فترة لاخرى لكي لاتبكي، بينما القلق يأكلها.  

قالت متوتر:  

"قال إنه سيحضره فقط ، لماذا تأخر هكذا؟"


صوفيا، الجالسة بجوارها، حاولت ألا تفكر كثيرًا، لكن قلق أيلا كان معديًا.  

وفجأة، انفتح باب المستودع، فانتفضت الاثنتان، لكن سرعان ما هدأتا حين رأتا كلاود.


اعطاء ايلا -التي تحمل ابنة عمه- نظرة استغراب ثم تقدّم نحو شقيقته، وقال:  

"ماذا تفعلين هنا؟ أين عمي؟"


أجابت وهي تعود للجلوس:  

"كان من المفترض أن نكتب عقد زواج عمي من الخالة أيلا ، لكن شيئًا ما عرقل الأمر."


كلاود، باستغراب:  

"زواج؟!" ثم تابع: "وأين عمي الآن؟"


لم ينتهِ من عبارته، حتى سمعوا أصوات سيارات بالخارج، تلاها أصوات فتح وإغلاق أبواب، ثم دخل فيكتور ومعه لوكاس المصاب.


كان قميصه الأسود مفتوحًا، يكشف عن صدره العاري المضمّد.  

انقبض قلب أيلا من ذلك المنظر، بينما نهضت صوفيا بفزع.  

صرخت أيلا :  

"لوكاس!"


مدت الطفلة الى صوفيا ثم ركضت نحوه إبنها بلا تردد

  خاطبت لوكاس:  

"ما الذي أصابك؟"


رد وهو يحاول كتم الألم رغم تأثير المخدر:  

"أنا بخير... إصابة بسيطة."


لكن سرعان ماتذكر لوكاس المنظر الذي رأه، فقال :  

"الأهم من ذلك، أمي ، ما تلك الكارثة عند عتبة منزلك؟ هل أنتِ من فعل ذلك بزوجة أبي؟"


تجمّدت أيلا ، وتمنّت لو أن الأرض تنشق وتبتلعها.

نظر كلاود إلى اخته بحيرة ، فأجابت :  

"أطلقت عليها النار."


وكأن تلك الصدمة لم تكن كافية، دخل رجل يصرخ:  

"سيد فيكتور!"


نظر الجميع إليه، فرأوه يجرّ كلارا، يكمم فمها.  

تابع وهو يرميها أمام فيكتور:  

"هذه الخائنة وشت للشرطة بأنكم ستهربون السجين."


أسرع كلاود إليها، و جثا بجانبها امام انظار الجميع ، همس:  

"هل أنتِ بخير؟"


تلاش خوف كلارا بعد رؤيتها لكلاود وخاصتاً انها ساعدها للنهوض برفق ، لكن سرعان ما عاد لها بجرعة أكبر، حين رأت فيكتور ينزع سلاحه من جيبه الخلفي ويشير إليها.


قال :  

"كنت أعلم أن المصائب ستأتي من وجهك ، كان من الخطاء تركك حية "


ولأن كلاود يعرف جنون عمه عندما يغضب ، ضمّ كلارا إليه، وحماها بظهره.  

صرخ فيكتور:  

"كلاود، ابتعد عنها وإلا سأطلق عليك!"


نظرت كلارا إلى عيني كلاود، المغلقتين بقوة، كأنه يتوقع أن يفعلها عمه، ثم همست بندم:  

"كلاود..."


اقطب فيكتور حاجبه، وصرخ مجددًا:  

"هذا آخر تحذير لك يا كلاود!"


حرك إصبعه نحو الزناد، فتعالت الأصوات:  

"فيكتور!"  

"أبي!"  

"عمي!"


قالها كل من أيلا ، لوكاس، وصوفيا بتتالي.


تحوّلت نظرات الغضب في وجه فيكتور إلى شيء من التردد... ثم أنزل السلاح.


تعالت تنهيدات الراحة، وابتعد كلاود عن كلارا بهدوء، فقد نجا من موت مؤجل.

تعليقات

المشاركات الشائعة