أسلوب رجال المافيا ٢٣

 [23] 

 [تلك الخائنة لن تفلت بفعلتها]

 .........


كان فيكتور متكئًا على سيارته أمام أحد مستودعاته، وبجانبه صوفيا التي تألّقت بفستان أبيض قصير، تتوّجه وردة من ذات اللون كإكسسوار في شعرها المنسدل.  

قالت لعمّها بابتسامة دافئة:  

"أنا سعيدة من أجلك، عمي."  

ثم نظرت نحو الشيخ الذي يقف مع رجال فيكتور، بلحيته الكثيفة التي تصل إلى منتصف صدره، وملابسه المتديّنة، وفي يده كتاب بدا لها وكأنه عقد زفاف.  

همست لنفسها، و على وجهها ملامح الاستغراب:  

"لم أتوقّع أن يختار زواجًا دينيًا..."


وفجأة، توقفت سيارة أجرة بسرعة جنونية على مسافة من سياج المستودع ، فلا أحد عاقل يجرؤ على الاقتراب أكثر من ذلك.  

تضيّقت عينا فيكتور، وزارت الدهشة وجه صوفيا، قبل أن ينصدم كلاهما برؤية أيلا تترجّل من السيارة وتركض نحوهما، تحمل الطفلة بين ذراعيها.


قال فيكتور وهو يبتعد عن سيارته، مذهولًا:  

"أيلا ؟"  

ثم تابع وهو يلتقط الطفلة منها:  

"ما الذي تفعله إفلين معك؟"  

أجابت أيلا  يتخلله الذعر:  

"فيكتور... أنا في ورطة."  

ثم أزاحت معطفها، كاشفة عن بقع دماء تغطيها، وقالت:  

"لقد قتلت شخصًا... أطلقت النار على هيلين!"


اتسعت عينا فيكتور بصدمة، بينما شعرت صوفيا وكأن الأرض اهتزت تحت قدميها.  

تابعت أيلا ، والنحيب يخنق كلماتها:  

"أقسم أنها هي من جاءت إلى منزلي ومعها المسدس... كنت أحاول انتزاعه منها، لكنني ضغطت على الزناد بالخطأ ، أقسم لك أنني لم أقصد قتلها!"


كانت كلماتها الأخيرة ممزوجة ببكاء مرير، فمدّ فيكتور ذراعه إليها وضمّها إلى صدره ، بينما تجمّدت صوفيا في مكانها، عاجزة عن الحركة.

وبينما كانت أيلا تبكي ، خطر على بالها فجأة اسمٌ احدهم ، لوكاس!  

ابتعدت عن فيكتور، وقالت بلهفة:  

"فيكتور! لقد طلبت من لوكاس أن يوصلني ، سيكون هناك الآن!"  

ثم تابعت، وقد ارتجف صوتها:  

" رأتني امرأة بالفعل، وأنا متأكدة أنها اتصلت بالشرطة!"


أعاد فيكتور الطفلة إليها، قائلاً بهدوء حازم:  

"أمسكيها."  

ثم أخرج هاتفه، وبدأ بالاتصال بلوكاس، على أمل أن يتمكن من إيقافه قبل أن يصل إلى هناك.

.........


كان لوكاس قد وصل بالفعل إلى المنزل. رنّ هاتفه في جيبه، لكنه ماطل في الرد، وانتظر حتى ترجّل من سيارته.  

أجاب أخيرًا وهو يسير نحو الباب، الذي أثار استغرابه بكونه مفتوحًا:  

"سأعود للاتصال لاحقًا... عليّ إيصال أمي إلى المشفى، قالت إنها متوعّكة."  

جاء صوت فيكتور حادًا، متزامنًا مع خطوات لوكاس نحو العتبة:  

"اخرج من هناك، أيلا معي بالفعل!"


توقّف لوكاس عند الباب، وما إن وقعت عيناه على جثة هيلين حتى تجمّد مصعوقًا في مكانه .  

تابع فيكتور، بصوت أكثر استعجالًا:  

"اخرج من هناك فورًا، قبل أن تصل الشرطة!"


استغرق لوكاس برهة ليستوعب، ثم استدار ليفر بجلده، لكن صوت سيارات الشرطة اخترق الأجواء، محاصرًا المكان.  

توقّفت السيارات أمام المنزل

صرخ احد الشرطيان وهو يترجل من سيارته : " لا تتحرك ، ارفع يديك ! "

في تلك اللحظة، سقط هاتف لوكاس أرضًا، وارتدّ صوته على الإسفلت.  

اقترب الشرطيان منه، أحدهما يقيّده والآخر يفتّش جيوبه، بينما عيناه لا تزالان معلّقتين على الباب المفتوح، حيث ترقد هيلين بلا حراك.


فيكتور، الذي كان لا يزال على الخط، سمع كل شيء. لم يكن بحاجة لرؤية المشهد كي يدرك أن الوقت قد نفد.  

أغلق الهاتف ببطء، ثم نظر إلى ايلا التي كانت تحتضن الطفلة، ووجهها مشوّش بين الذنب والخوف.  

قال لها بصوت منخفض، كأنّه يخاطب جرحًا لا يريد أن ينزف:  

"انه بخير ، ساذهب لاحضاره فحسب "

ثم ناد بصوت عاليا لاحد رجاله : " تعال الى هنا فورا و جهز عشر سيارات ! "

ايلا بقلق : " لما عشر ؟ " 

هدئها فيكتور : " لا شيء مهم ، فقط للاحتياط " 

تابع : " خد صوفيا معك وادخلا الى المستودع ولا تخرجا منه حتى اعود "

---

 في جهة المقابلة ......

كانت كلارا جالسة على اريكية في منزلها الجديد، مقيدة بحبال ثقيلة، تتلوّى وتتذمّر بصوتٍ غاضب:  

"كلاود! فكّ قيودي حالًا! كيف تفعل هذا بي؟!"


رد كلاود : " هذا لانك رفضتي ان تستمتعي! " 

ثم اخرج هاتفه وابتعد الى الزاوية بينما صراخ كلارا يملى الخلفية.


قال : " عمي ، هناك خائن في العصابة ، كلونفر ارسل اعتراف للشرطة بانك المسؤل عن مدبحة والتر " 

رد فيكتور : " انا مشغولا بشيء اهم الان ، جد ذلك الواشي واحضر. الى المستودع السابع "

ثم اغلق الخط

صرخت كلارا من الخلف : " ماذا تفعل كلاود ؟ ، هل تتكلم مع ذلك المجرم ؟ ، بماذا تخطط " قالت باخر درة صراخة ممكنة : " فك قيودي ، يداي تؤلمانني ! " 


 " حسنا ! " قالها كلاود وهو يتحسس إدنه ليتاكد من سلامتها.

اخد يقترب منه وهو يقول : " سافكها لكن لا تحاولي الهرب مجدداً"

اؤمات كلارا راسها بهدوء وبدا كلاود يفك الحبال عنها .

ما إن انتهى، حتى قال بنبرة هادئة:  

"هل هدأتِ الآن؟ يمكننـ..."  

لكن كلارا نهضت فجأة، متجهة نحو الباب.  

أمسكها كلاود بسرعة، وصرخ:  

صرخ : " ماذا كان اتفاقنا ! " 

كلارا : " افلتني ! " 

حملها، وألقى بها داخل غرفة أخرى، ثم أغلق الباب خلفها وأدار القفل.  

اخدت تضرب الباب وهي تصرخ : " كلاود اخرجني ! " 

رد من خلف الباب : " ساعود قبل منتص الليل ، واتمنى ان تكوني قد هدئتي حينها "

تابعت كلارا النداء وهي تحاول ان تفتح مقبض الباب لكن دون جدوى ، لكن سرعان ماستسلمت بعد سماعها خطواته تبتعد وصوت الباب الخلفي يغلق .

وضعت يديها على جانبي خصرها، تتنفس بعمق، حتى لمحت مفكّ براغي في أحد الزوايا.

------

بعد ساعة تقريبا من فك مسامير الدقيقة للباب دفعته بهدوء ليسقط على الارض متثبتا فقط من جهة القفل 

تجاوزت الباب ثم بحثت في طاولة وهي تامل ان كلاود لم ياخد المفاتيخ لكن ظنها قد خاب .

فكرت مجددا وتذكرت المفتاحٌ الأحتياطي في المطبخ .


خرجت من المنزل واخدت سيارتها نحو مركز الشرطة ، مركزٌ فيه شخصٌ تعرفه .

 وعندما وصلت الى وجهتها ترجلت ودخلت . 


وقفت امام باب مكتب المحقق دانيال وطرقت.

 ردّ دانيال، وهو غارق بين الأوراق:  

"تفضّل."  

رفع رأسه، وتفاجأ برؤية كلارا.


قالت وهي تدخل، بصوتٍ يختلط فيه القلق بالغضب:  

"فيكتور وجماعته يخططون لشيء... عليك إيقافهم!"


لم يستوعب دانيال كلامها فورًا، وزاد من ارتباكه رنين الهاتف الأرضي.  

أجابه، ثم أغلق الخط ببطء، وقال:  

"ابن زعيم العصابة تم اعتقاله بتهمة قتل."


تنهدت كلارا، وهمست لنفسها:  

"أهذا ما خرجت من أجله يا كلاود..."


سألها دانيال:  

"قلتِ إنهم يخططون لشيء... هل كلاود من أخبرك؟"  

ثم فتح أحد أدراج مكتبه، والتقط سلاحه.


قال بنبرة حاسمة:  

"لن ينجح مخططهم هذه المرة... أيًّا كان."


خرج من الغرفة، وصوته يعلو في أرجاء المركز:  

"استنفار! سنتجه إلى مركز احتجاز لوكاس آل دريتش. عصابة فيكتور ستحاول تهريبه!"


بدأت الشرطة تتجهّز، بينما وقف أحدهم في الخلف، متجمّدًا ، كات جاسوسٌ يعمل لصالح فيكتور.  

اقترب من دانيال، متظاهرًا بالحماس لتنفيد الواجب:  

"هل هذه معلومات مؤكدة، حضرة المحقق؟"  

أجابه دانيال دون تردد:  

"نعم، جاءت من زوجة اليد اليمنى نفسه."


تراجع الجاسوس خطوة، وعيناه تتجهان نحو غرفة المكتب، حيث تقف كلارا.  

حدّق بها بحنق، وهمس لنفسه:  

"تلك الخائنة لن تفلت بفعلتها."

تعليقات

المشاركات الشائعة