أسلوب رجال المافيا ٢٢

 [22]

 [إنتبهي لأبني !]

.......


مرّ أسبوعٌ على تلك الحوادث المثيرة...

كانت كلارا تسير في أرجاء شركتها، متجهةً نحو مكتبها، حين تلقّت اتصالًا.  

كان من المشفى الصحي الذي أصرّ دانيال أن تُجري التحليل فيه بتحديد.  

ترقّبت كلارا الإجابة وكأن حياتها تعتمد عليها؛ فقد ماطلت أسبوعًا كاملًا، ودانيال توعّدها بالسجن إن تأخرت يومًا إضافيًا.


نطقت الطبيبة:  

"تحاليلك إيجابية، سيدة كلارا... مبروك لك."


تنفّست كلارا الصعداء، حتى أنها اتكأت على الجدار من فرط ارتياحها.  

ثم خطر كلاود على بالها، فتمتمت:  

"عليّ إخباره."


أمسكت هاتفها، وأرسلت له رسالة، ثم حولت التقرير إلى دانيال.  

لم تمرّ سوى ثوانٍ، حتى ردّ عليها بصورة، وكتب بعدها:  

"هذه دلائل حصلنا عليها البارحة... فيكتور هو المتهم في إبادة عائلتك."


ارتجفت يدها، فتحت الصورة، وبدأت تقرأ الأدلة واحدة تلو الأخرى.  

ثم استمعت إلى الاعتراف الصوتي المرفق... وكان كفيلًا بأن يزلزل عالمها.


                        *****

اما في منزل فيكتور ....

 كانت بائعة خاصة تتوسط غرفة المعيشة وقد رتبت أكسسوارات براقة، علب هدايا، وأشياء نسائية أنيقة على الطاولة الرخامية.

قالت البائعة وهي ترفع علبة يسكنها عقد ذهبي "هذه افضل قطعنا ، وصلة حديثاً الى البلاد "

لم يجب فيكتور، فقط وقف يتأمل القطع حتى وقعت عيناه على خاتمٍ صغير، بسيط، لكنه مناسب بشكل عجيب على يد التي في خاطره. أخذه دون تردد، كأنه يعرف مايريد.


 قالت البائعة بابتسامة وهي تضع العلبة جانباً:  

"ما رايك بإلقاء نظرة على العطور؟ "


أخرجت زجاجة صغيرة ، رشّت منها على منديل ابيض ثم ناولته أياها.

 استنشق فيكتور الرائحة... لتخطر أيلا فجاءة في ذهنه ويشتعل شيئا في صدره ... 

شعور مألوف ، كان في السابق مثل وغزات خفيفة ، أما الان اصبح مثل اللهب ، ربما هذه عاقبة لقائهم الاخير .....


رن هاتفه لينقده من الشعوره الذي اجتاحه ، وضع المنديلا جانبا واخد يرد على المكالمة وهو يفك ربطة عنقه ليخفف من اختناقه.

قال وهو يكبح جماحه : " اخبرني انك انهيت الامر "

رد المحامي : " بالفعل سيدي ، انتهت اجراءت طلاقك اليوم ، لم اتوقع ان تطول الى هذه الدرجة"

فيكتور : " وماذا عن الطفلة ؟ " 

المحامي : " حضانتها مشتركة بالانصاف "


انهى فيكتور مكالمته ثم ارسل رسالة سريعاً الى أيلا .....

" سنكتب كتابنا الليلة .... "


مالم ينتبه له فيكتور ان خادمته يختلسن النظر من زاوية .

قالت احدهم : " لمن ياخد كل هذه الاشياء ؟ " 

ردت الاخرى : " الى عشيقته ايتها الحمقى ! ، والدة ابنه الغير الشرعي والتي بسببها انفصل عن السيدة هيلين " 

كانت الخادمات فقط يتجسسن بدافع الفضول لكن تحدهم كانت تحمل إخلاصا لسيدتها 

اختفت خلف الجدار واتصلت ....

" سيدة هيلين ، لذي بعض الاخبار لك "

هيلين التي تلقت خبر طلاقها الان تتلقى خبراً اثقل 

                       *****

كانت كلارا قد غادرت الشركة والان تسير بتوتر في منزلها الجديد ، صغير الحجم ، انيق التصميم ، فهي لم تجرؤ على السكن في المنزل الذي ابيدت به عائلتها .

كانت تسير بتوتر وهي تضرب هاتفها على راحة يديها تنتظر قدوم احدهم .... حتى سمعت طرقٌ خفيف على الباب. 

توجهت سريعا الى هناك وفتحته لتجد كلاود أمامها.

قال وهو يقفل الباب خلفه : " لا اصدق يا كلارا ، سعيدا جدا ان التقارير اصبحت ايجابية ! " 


أومأت كلارا بابتسامة باهتة، ثم قالت بقلق : " هناك ماهو أهم "

رفعت هاتفها، وأرته الصور التي أرسلها لها دانيال.  

"انظر... هذا هو المجرم الذي أباد عائلتي."


اتسعت عينا كلاود، وانتزع الهاتف منها، يتأمل الصور ويستمع للاعتراف الصوتي، ثم تمتم:  

"هذا صوت كلونفر... ذلك الواشي!"


تابعت كلارا:  

"قال دانيال إن اسمه فيكتور آل دريتش... يحمل نفس اسم عائلتك! وأذكر أنه زار منزلك ذات مرة."


أجابها كلاود وهو يعيد الهاتف إليها:  

"إنه عمي."


تجمدت كلارا في مكانها.  

"عمك؟ هل تقصد أن..."  

توقفت للحظة، ثم تابعت بصوت مندهش:  

"هل أنت مشترك معه؟!"


تقدم كلاود نحوها، قائلاً:  

"كلارا ساوضح لك "


لكنها تراجعت، احتمت خلف الطاولة، وقالت بذعر:  

"لا تقترب!"


لم يستجب، اقترب أكثر، يناشدها:  

" كلارا..."


حاولت الابتعاد، لكن كعبها العالي خانها، تعثرت، فصرخ كلاود:  

"انتبهي لابني!"


توقفت، نظرت إليه، وقد تماسكت في اللحظة الأخيرة.  

حدّقا في بعضهما، ثم نهضت فجأة، وقالت بحدة:  

"سأجهضه."  

وانطلقت نحو الباب بعنف.


ركض كلاود خلفها، أمسكها من خصرها، سحبها بعيدًا عن الباب.  

صرخت:  

"أفلتني!" ثم وجهت ضربتين الى ذراعه.


قال وهو يحاول تهدئتها:  

"اهدئي، دعينا نتحدث!"


ردت بغضب، وهي تزيد الضربات:  

"لا أريد الحديث مع مجرم!"


قال وقد اخد جهده في تثبيتها:  

"إذا لم تتركي لي خيارًا آخر..."


                        ****

مرت الساعات سريعاً ، وحان الليل اخيراً ....


كانت ايلا غارقة في الفوضى. المنزل مكركب، والغرفة تبدو وكأن إعصارًا اجتاحها. 

 

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أناقتها ، ارتدت فستان أحمر ضيّقاً، وسرحت شعرها بعناية، كما أنها وضعت مكياج يبرز ملامحها، وطلاء على اطافرها الطويلة أكمل طلّتها.


جلست تحاول إدخال كعبٍ جديد إلى قدمها، كعب اشترته دون التأكد من مقاسه، بينما تتحدث مع فيكتور عبر الهاتف.  

قالت:  

"لا، لا تأتِ لاصطحابي."


همست لنفسها:  

"لا يمكنني أن أسمح له برؤية المنزل بهذه الحال."


أمسكت الهاتف باليد الأخرى، وتابعت وهي تحشر الكعب بقوة:  

"سأطلب من لوكاس ، وسأفاجأه بأمر العقد أيضًا. لم تخبره بعد، أليس كذلك؟"  

لم تنتظر رده، بل تابعت:  

"أين قلت أننا سنكتب العقد؟ أرسل لي العنوان، وسنصل أنا ولوكاس قبل الوقت. أعدك، لن أتأخر."


أرسلت قبلة عبر الهاتف، ثم أغلقته.


نهضت، و حاولت السير بالكعب الذي حشرته بقوة، تمتمت:  

"مؤلم ، لكن سأتحمله الليلة"


أرسلت رسالة لابنها، تطلب منه الإسراع في المجيء، وأضافت بعض البهارات لتضمن أنه لن يؤجل طلبها.  

وفجأة، دوّى جرس الباب.


قالت بريبة:  

"من يأتي في هذا الوقت؟"


نزلت من غرفتها، ثم من على السلالم ، وسارت نحو الباب بانزعاج من الصوت.  

"حسنًا، قادمة!"


فتحت الباب وتوقفت أنفاسها.  

كانت هيلين واقفة أمامها.


قالت ايلا بدهشة:  

"هيلين...."


لم تستوعب الأمر إلا وقد رفعت هيلين سلاحًا نحوها، بدا خطيرًا في يدها.


تراجعت ايلا ، وصرخت:  

"هيلين!"


تقدّمت هيلين، وفي عينيها شيء أكثر من الغضب.  

قالت بصوت مملوء بالألم:  

"إلى أين تذهبين يا أيلا ؟"  

كانت عيناها تضيقان من فرط الحنق، وأصبعها يكاد يضغط على الزناد.


تابعت:  

"لن تبني سعادتك على حسابي، ايلا .... ، ولا بعد مليون سنة ! "


أيلا ، تحاول تهدئتها:  

"هيلين، تمهّلي... دعينا نتحدث..."ثم انقضّت عليها فجأة.  

بدأتا تتصارعان على السلاح، كل واحدة تحاول انتزاعه من الأخرى.


"اتركيه!"  

"لقد فقدتي عقلك!"  

"أفلتيه!"  

"أفلتيه أنتِ!"


ثم... ضغطت إحدى الأصابع على الزناد.  

انطلقت رصاصة، ودوّى صوت إطلاق نار.


تجمّدت كلتاهما، ونظرتا إلى بعضهما بصدمة، حتى سقطت هيلين أرضًا، وبطنها بدات تبصق الدماء.


صرخت أيلا :  

"هيلين!"


اقتربت منها، وحاولت إيقاظها، لكنها لم تجب.  

تحسّست نبضها فإذا به يبهت.


نهضت من فوقها و تراجعت الى الوراء ، يداها ملطختان بالدماء، والرعب يكسو ملامحها.


لم تستعد رشدها إلا حين لمحت امرأة تمرّ في الطرف الآخر من الرصيف، تنظر نحوها، ثم تسرع بالابتعاد.


همست أيلا :  

"يا إلهي..."


صعدت إلى الأعلى، ارتدت معطفًا فوق فستانها الملطخ بالدماء، ثم نزلت مجددًا.  

تجاوزت جثة هيلين دون أن تجرؤ على النظر إليها، وهرعت هاربة في الشارع.


لكن صوت بكاء اوقفها ...


التفتت، لترى سيارة بيضاء يصدر منها صوت طفل و عرفت فورًا لمن تعود تلك السيارة.


حاولت تجاهل الصوت، و تابعت الهروب، لكنها توقفت، تحلطمت :  

"لا يمكنني تركها... إنها ابنة فيكتور أيضًا!"


عادت مسرعة، حاولت فتح باب السيارة ، لكنه كان مغلقًا بإحكام.  

شتمت:  

"تبًا لكِ هيلين!"


نظرت حولها، التقطت حجرًا، وبدأت تكسر النافذة.  

 مدّت يديها بعد ان كونت منفداً ، وأخذت الطفلة التي زاد بكاؤها صخباً ، وكأنها رأت وحشًا.


قالت :  

"اسكتي قليلًا! هل تكرهينني مثل أمك؟!"

ثم هرولت


تعليقات

المشاركات الشائعة