أسلوب رجال المافيا ٢١
[21]
[أنا لن أخرج من هنا حيًا!]
.........
كان لوكاس يحدّق في جسد والده الملقى على الأرض، ثم رفع عينيه نحو والدته، وصاح :
"ماذا فعلتِ؟!!"
تقدّمت نحوه بسرعة ، وقالت وهي تمسك بذراعه:
" لم أقصد إيذاءه. أقسم لك ! "
حاول أن يبعد يدها، لكنها تمسكت به أكثر، وقالت بصوتٍ يقطر رجاءً:
"إنه مجرد منوم يا لوكاس ! ، تشاجرنا قبل مجيئك وقال انه لن يراني مجددا لم استطع تخيل ذلك ، فكرت في شيء يمنعه من المغادرة ....."
لوكاس : " وهذا ما خطر في بالك ! "
افلتت يده وقالت : " أسفة.... "
تابعت، كأنها تفتح قلبها أمامه:
"لم استطع تحمل فكرة ان يتركني مجدداً."
تلك الكلمة وحدها كانت كفيلة بجلب تعطاف لوكاس ، سكت ، ثم قال بصوتٍ منخفض:
"كان عليك إخباره بذلك بدل هذا الجنون....."
ثم انحنى نحو والده، ورفعه بصعوبة، وهو يقول:
"ساعديني. علينا إدخاله إلى الداخل ."
أمسكت أيلا بكتف فيكتور، وساعدت ابنها، وهي تهمس:
"شكرًا لوكاس"
-------
في مخفر الشرطة......
كانت غرفة الزيارة باردة اكثر من المعتاد ، كان إيثان يتحرك جيئة وذهابًا، مكبل اليدين.
كانت عيناه تتنقلان بين الجدران، وشفتيه تتمتمان بكلمات غير مفهومة، حتى فُتح الباب، ودخلت هيلين.
بمجرد أن رآها، انقض نحوها كذئب جائع، وصاح دون مقدمات:
"لقد ألصقوا بي تهمة إبادة عائلة جوليان! هل تسمعين؟ أنا لن أخرج من هنا حيًا!"
وقفت هيلين بثبات، وردت عليه ببرود :
" انت من وضعت نفسك في هذا الموقف "
ضحك إيثان ضحكة قصيرة، ثم اقترب منها أكثر، وقال بصوتٍ خافت:
"اسمعيني جيدًا، لا وقت للمواعظ. هناك رجل في عصابة فيكتور، مستعد للكلام... مقابل مبلغ سخي.
كل ما عليكِ فعله هو الوصول إليه، وإقناعه، وجمع بعض الأدلة الأخرى. هذا سيكفي لإخراجي."
رفعت حاجبها، وقالت بحدة:
"وهل تظنني سأغامر لأجل عبثك؟"
اقترب أكثر، وهمس:
"ولما قد تترددين ؟ ، من اجل فيكتور مثلاً ؟ ، لقد سُحقت كرامتك بسببه ايتها البلهاء. لا تتظاهري بالكبرياء ."
سكتت، لكنها لم ترد.
ثم قال وهو يتراجع:
"ساعديني يا هيلين. إن لم يكن لأجلي، فليكن لأجل اسم العائلة الذي تحرصين عليه."
خرجت هيلين من غرفة الزيارة، وهي لا تحمل اي نية لمساعدة إيثان بعد الساخافات التي تفوه بها.
وفي طريقها إلى السيارة، وصلها إشعار في هاتفها ، كان من رقم والدتها.
فتحت الرسالة ، وقرأت:
"بسبب الفضيحة التي ارتكبتِها، تم إيقاف تسجيل الملكيات العائلية باسمك. لا تتصلي بي. لا تبرري. لقد خذلتِنا بما يكفي."
تجمدت هيلين، ثم أغلقت الرسالة ببطء، ووضعت الهاتف في حقيبتها دون أن تنظر مجددًا.
قالت لنفسها، بصوتٍ لا يسمعه أحد:
" ليس من اجلك يا إيثان ولا من اجل عائلتك ....."
------
في وقت متاخر من نفس المساء ..
كانت كلارا تحاول الدخول الى الشركة عنوة لكن حاصرتها فجاءة أضواء تلمع، والميكروفونات اندفعت نحو وجهها كسهام ، واخد الصحفيون يحيطون بها قبل أن تصل إلى الباب ،
صاح أحدهم:
"هل خطابك في المحكمة كان حقيقيًا؟"
وآخر يصرخ:
"هل تؤكدين خبر حملك؟ ، ومن هو الاب ؟ "
يقول مجهول : " كيف تزوجتي من رجل عصابات ؟ "
لكن كلارا لم ترد.
اكتفت برفع حقيبتها أمام وجهها، وتقدّمت بخطوات ثابتة نحو الباب الزجاجي،
كانت تستطيع سماع احد المراسلين يقول امام البث المباشر : " ابنت اغناء اغنياء البلاد واكثرهم نزاهة تتزوج من اليد اليمنى لاخظر زعيم عصابات وتحمل منه "
الكلمة الاخيرة بذات اغاطتها، لكنها تابعت السير في طريق الشركة.
الوقت كان متاخرا ، والمكاتب شبه فارغة.
استقبلتها سكرتيرتها بابتسامة ممتنة:
"شكرًا لقدومك، سيدة كلارا. اعتذر عن الاتصال في وقت متاخرا لكن هناك عقود مستعجلة تحتاج توقيعك قبل منتصف الليل."
أومأت كلارا بهدوء:
"سأهتم بالأمر، يمكنك المغادرة."
تركتها السكرتيرة، وبقيت كلارا وحدها لتصعد الى الطابق الثالث ، وتسير في الممر الطويل نحو مكتبها.
فجأة، يد قوية أمسكت بذراعها من الخلف.
شهقت، وقبل أن تصرخ، أُزيحت السترة السوداء عن وجه الرجل.
قال بصوتٍ خافت وهو يضع اصبع على شفتيه :
"اصمتي... إنه أنا."
لقد كان كلاود !
دخل معها إلى المكتب، واحكمت كلارا اقفال الباب لكي لا يهلع احد من رؤيته هنا .
كان يجلس على كرسيها، يتأرجح يمنة ويسرى.
قال وهو يراقبها وهي ترتب أوراق العقود:
"أصبحتِ سيدة أعمال، إذاً؟"
ردّت بهدوء، دون أن تنظر إليه:
"أحاول ان اكون جيدة."
ثم توقفت، ونظرت إليه:
"هل تساعدني؟ هذه الفوضى لا تُطاق."
أخذ الأوراق منها، وبدأ يفرزها بدقة غير متوقعة.
قال وهو يضع بعضها جانبًا:
" سأتكفل بهذه ، والباقي عليك ."
اخفت إبتسمتها لكن لمعت عينيها كانت واضحة ، فجاءة تذكرت تهديد المحقق دانيال
قالت : " كلاود .... "
ساد صمتٌ قصير، قبل أن تقول:
"هناك أمر آخر..."
ترددت ، كأن الكلمات ثقيلة، وكأن الطلب يحمل شيئًا لا يُقال بسهولة......
-------
أشرقت شمس الصباح على منزل فيكتور المائي، حيث الزجاج يلتف حول الغرفة ليجعلها شبية بقوقعة شفافة تطل على البحر.
كانت النوافذ العملاقة تسمح للضوء أن ينساب برقة، ويعكس زرقة الموج على الجدران.
كانت الغرفة هادئة ، إلا من صوت ارتطام الماء بالصخور.
وقفت أيلا ، تتكئء على الزجاج ، و لازال يكسوها رداءً النوم.
اخدت نظرت إلى فيكتور النائم على السرير ، وبدات بزفير.
كان صوت لوكاس البارحة لا يفارق ذهنها :
"أمي، ستكونين أمامه عندما يستيقظ !
تشرحين له، وتخبرينه بكل شي !,
تصرفي ولو لمرة واحدة كامرأة بالغة!"
تنهدت مجددا وهي تتذكر ذلك العتاب.
فجاءة تحرك فيكتور، ، فاخدت أيلا شهقة من الذعر .
اخدت تراقب عينيه التي تنفتح ببطء بينما تتتنفّس بعمق .
حاولت تمالك نفسها والحفاط على رباطة جاشها لكن ما أن نظر إليها فيكتور مباشرة ، حتى انهارت شجاعتها واخدت تركض نحو الباب .
محاولتها للهرب بائت بالفشل ، فافيكتور قد نهض بسرعة، وأغلق الباب في وجهها.
قال بصوتٍ حازم، وهو يسحبها من ذراعها:
"تعالي إلى هنا ! "
توسلت، وعيناها تلمعان:
"أقسم لك... كان مجرد منوّم، فقط منوّم!"
صرخ، بصوتٍ هزّ الجدران الزجاجية:
"هل فقدتِ عقلك؟! أيلا، هل جننتِ؟ كيف تضعين شيئًا في شرابي؟!"
تجمدت، ثم بدأت بالكلام، كأنها تفرغ قلبًا ظلّ ممتلئًا لسنوات:
"لا أستطيع التحمل أكثر، فيكتور. لا أستطيع أن أراك تبتعد، عندما وعدتني بانك لن تريني وجهك فزعت
أنا أعشقك. أعشقك إلى حد الجنون.
كل كلمة قلتها بالأمس، أسترجعها الآن، وأعود منها.
أنا لا أستطيع العيش بدونك، لا أستطيع أن أتنفس إن لم تكن هنا."
تنفست، وبدات عيناها تمتلئ بالدموع، لكنها لم تكن دموع انكسار، بل اعتراف.
قالت، بصوتٍ خافت:
"أحبك فيكتور ، أحبك اكثر من اي شيئًا في حياتي."
كانت الكلمات تتزاحم في صدرها، لكنها لم تجد سوى دموعها لتسبقها ، ماذا تقول اكثر لكي يصدقها ؟!
وفجأة ، دون أن ينبس بكلمة ، سحبها برفق إليه ، وضمها الى صدره .
تعليقات
إرسال تعليق