لايت لارك | الفصل الأول

[١] 
 (إيسلا)
------------


كانت "إيسلا كراون" تسقط كثيرًا في بِركٍ من النجوم، وتجد نفسها في أماكن بعيدة وغريبة.

دائمًا دون إذن، وغالبًا في أسوأ الأوقات الممكنة.

حتى بعد خمس سنوات، لا تزال عملية الانتقال عبر البوابات ترهق عظامها. أمسكت بعصاها النجمية بقوة، وأنفاسها محبوسة في صدرها كأنها زجاجات العطر النادرة على منضدتها. الغرفة الزجاجية تدور من حولها، والألوان المتكسّرة تنزف وتختلط، حتى شدّتها الجاذبية أخيرًا إلى الأرض، كخيطٍ مرتخٍ في نسيج الكون.

وبحلول لحظة انفتاح الباب، كانت العصا مخبأة بأمان خلف فستانها، بمحاذاة عمودها الفقري.

صرخت بوبي بصوتٍ عالٍ: "ما الذي حدث لشعرك؟!" ، حتى أن تيرا اندفعت خلفها بسرعة، تصطكّ السكاكين والسيوف المعلّقة على خصرها.

لكن شعرها لم يكن أكثر ما يقلقها... رغم أنها لم تنكر فوضويته.

كان شعرها يشبه بساطًا من الطحالب. السفر بين أراضي العوالم الجديدة باستخدام عصا النجوم كان كفيلًا بتفكيك حتى أكثر ضفائر بوبي إحكامًا، وكأنها ميزة غير متوقعة.

لم تدّعِ إيسلا يومًا أنها خبيرة في استخدام تلك الأداة. في البداية، كانت تأخذها إلى أماكن لم تخطط لها: قرى الثلج في أراضي "المونلينغ"، احتفالات الهواء في أراضي "السكاي لينغ"، وحتى أراضٍ لم تطأها قدم من أي من العوالم الستة. شيئًا فشيئًا، تعلّمت كيف تعود إلى الأماكن التي زارتها من قبل. وذلك كان أقصى ما وصلت إليه في إتقانها لعصا النجوم. كل ما كانت تعرفه يقينًا هو أن هذه الأداة الغامضة تمكّنها من قطع مئات الأميال في ثوانٍ.

تنهدت "تيرا"، وأسقطت يدها عن مقبض سيفها. "إنها مجرد خصلات شعر منفلتة، يا بوبي."

لكن "بوبي" تجاهلتها. اندفعت نحو "إيسلا"، تحمل فرشاة وقارورة زيت ، بالطريقة نفسها التي علّمت بها "تيرا" "إيسلا" استخدام الأسلحة قبل سنوات.
ابتسمت "إيسلا" لمعلّمة القتال من خلف كتف معلّمة الطاقة، ثم صرخت حين بدأت "بوبي" تفكّ الدبابيس بخشونة.
هزّت "بوبي" رأسها وقالت: "علينا أن نبدأ من البداية."
تابعت وهي تضع المشابك بين شفتيها وتتكلم بصعوبة من حولها. "أتركك وحدك لساعة واحدة، وتتحولين إلى فوضى. حتى أنني أغلقت الباب جيدًا! كيف في عالمنا تمكنتِ من تخريب كل شيء وأنتِ في غرفتك، أيتها العصفورة؟"

غرفتها. لكنها لم تكن غرفتها حقًا. كانت كرة زجاجية، بقايا دفيئة قديمة. لكن الألواح الزجاجية طُليت، والنوافذ أُغلقت بإحكام، ولم يتبقَ سوى باب واحد.

كانت عصفورة صغيرة، كما كانت "بوبي" وأحيانًا "تيرا" تناديانها.

عصفورة في قفص.

"مجرد تدريب على المبارزة." قالتها "إيسلا" وهي تهز كتفيها.
"بوبي" و"تيرا" كانتا عائلتها الوحيدة—رغم أنهما لم تكونا عائلة فعلًا. كل من كان يربطها بهم دم قد رحل منذ زمن. ومع ذلك، حتى هما لم تعرفا شيئًا عن عصا النجوم. لو عرفتا، لما سمحتا لها باستخدامها أبدًا. كانت المفتاح الوحيد للخروج من قفص العصفورة. و"إيسلا" لم تكن محبوسة فيه لحمايتها فقط—

بل لحماية الآخرين أيضًا.

نظرت إليها "تيرا" بريبة، ثم حولت نظرها إلى الجدار. عشرات السيوف كانت معلّقة هناك في صف لامع، كأنها مرآة مؤقتة. قالت وهي تشير بإصبعها: "مؤسف أنك لا تستطيعين أخذ أيٍّ منها..."

كانت "تيرا" تمرّر إصبعها على صف السيوف المعلّقة على الجدار. كل واحدة منها كانت هدية لـ"إيسلا"، مأخوذة من مخزن القلعة القديم. وقد نالتها بعد كل إنجاز وتفوّق في تدريباتها.

قهقهت "بوبي" بسخرية: "هذه واحدة من قوانين الاحتفال المئوي التي أتفق معها. لسنا بحاجة لأن تؤكّد للعوالم الأخرى نظرتهم البشعة لنا."

بدأ التوتر يتصاعد في معدة "إيسلا"، كأوراق تتراقص وسط عاصفة. أجبرت نفسها على الابتسام، لأنها تعرف أن ذلك يطفئ غضب "بوبي"—وصيّتها كانت دائمًا تقول إنها لا تبتسم بما يكفي. لم تكن "إيسلا" قد قابلت الكثير من الناس، لكن من قابلتهم كانوا سهلين في فك رموزهم. فقط تحتاج إلى معرفة دوافعهم. فالجميع يريد شيئًا. وبعض الأشياء يسهل تقديمها. ابتسامة لمعلّمة الطاقة التي قضت عشرين عامًا تعلّمها الأدب. مجاملة لامرأة ترى الجمال فوق كل شيء.

قالت "إيسلا" بنبرة هادئة: "بوبي، رغم جمالك، كل تلك النظرات البشعة صحيحة. نحن وحوش."

تنهدت "بوبي" وهي تُدخل آخر دبوس في شعر "إيسلا". وقالت بصدق: "أنتِ لا."

ورغم أن كلمات وصيّتها كانت مغلّفة بالحب والنية الطيبة، إلا أنها جعلت معدة "إيسلا" تغرق في شعور ثقيل من الخوف.

قالت "تيرا" وهي تخطو نحو منضدة الزينة : "إنهم جاهزون"
كانت "إيسلا" تراقبها عبر مرآة، حوافها منقّطة بآثار الزمن.
تابعت :  "وأنتِ؟ هل أنتِ جاهزة؟"

لا. ولن تكون يومًا. الاحتفال المئوي كان أشياء كثيرة: لعبة، فرصة لكسر اللعنات التي تطارد العوالم الستة، طريقًا نحو قوة لا مثيل لها، لقاءً بين الحكّام الستة، ومئة يوم على جزيرة ملعونة لا تظهر إلا مرة كل مئة عام. أما بالنسبة لـ"إيسلا"—

فهو موت شبه مؤكد.

هل أنتِ جاهزة يا إيسلا؟ همس صوت ساخر وقاسٍ في عقلها.

كان خوفها يهدأ فقط أمام فضولها. لطالما رغبت في المزيد من التجارب، كل شيء. المزيد من الأماكن، المزيد من الناس.

المكان الذي كانت متجهة إليه—"لايت لارك"—كان مملوءً بالمزيد. 
كانت "إيسلا" تتسلل عبر لوح زجاجي مرتخٍ في غرفتها وتنزل إلى الغابة ( قبل أن يكتشفه أوصياؤها ويغلقوه ) . هناك، قابلت امرأة مسنّة كانت تعيش سابقًا في "لايت لارك"، كما كان يفعل جميع "الوايلدلينغز" قبل أن تُنسج اللعنات. قبل أن تهرب معظم العوالم من الجزيرة وتؤسس أراضي جديدة وسط الفوضى التي أعقبت ذلك.
وكانت حكاياتها مثل ثمار على شجرة—حلوة ومحدودة. تحدثت عن ملوكٍ يستطيعون الإمساك بالشمس بأيديهم، ونساءٍ بشعر أبيض يُجعلن البحر يرقص، وقلاعٍ في الغيوم، وزهورٍ تتفتح بقوةٍ خالصة.

كل ذلك كان قبل اللعنات.

أما الآن، فالجزيرة لم تعد سوى ظلٍ لما كانت عليه، محاصرة في عاصفة أبدية تجعل الوصول إليها مستحيلًا خارج الاحتفال المئوي، سواء بالقوارب أو حتى الطاقة.

في إحدى الليالي، وجدت "إيسلا" المرأة المسنّة عند جذع شجرة، مستلقية على جانبها. ربما كانت لتظن أنها نائمة، لولا أن بشرتها السمراء تحوّلت إلى لحاء، وعروقها إلى أغصان. "الوايلدلينغز" كانوا يتّحدون مع الطبيعة في حياتهم، ويلتحمون بها عند موتهم.

لكن موت تلك المرأة لم يكن طبيعيًا. حتى بعد أن تجاوزت الخمسمئة، وحتى بعيدًا عن قوة "لايت لارك"، رحلت مبكرًا جدًا. وكانت وفاتها الأولى من سلسلة طويلة.

وكان الخطأ خطأ "إيسلا".

كرّرت تيرا سؤالها، وعيناها الخضراوان الداكنتان بلون أوراق اللبلاب التي تلتف حول القصر ، وبشرتها بلون —نفس بشرة إيسلا.

"هل أنتِ جاهزة؟"

أومأت "إيسلا" برأسها، رغم أن أصابعها كانت ترتجف وهي تمد يدها نحو التاج أمامها. كان طوقًا ذهبيًا بسيطًا، مزينًا ببراعم وأوراق ذهبية، وثعبان يهمس. وضعته فوق رأسها بحذر، كي لا يفسد المشابك التي تُبقي شعرها البني الداكن الطويل بعيدًا عن وجهها.

قالت بوبي: "جميلة." 
لكن "إيسلا" لم تكن بحاجة لسماع الإطراء لتعرف أنه صحيح. الجمال كان نعمةً ولعنةً في آنٍ واحد بالنسبة لأبناء "الوايلدلينغ". لعنةٌ كانت السبب في مقتل والدتها. وهذا ما جعل الشبه بين وجهها ووجه والدتها أمرًا مزعجًا أكثر.

نظرت "بوبي" في عيني "إيسلا" عبر المرآة وقالت بشدة: 
"أنتِ كافية، يا عصفورتي الصغيرة. أفضل من أيٍّ منهم."

ليتها كانت كذلك فعلًا.

شعرت "إيسلا" بذعرٍ مفاجئ يشق ملامحها. ماذا لو كانت هذه آخر مرة ترى فيها أوصياءها؟ ماذا لو لم تعد إلى غرفتها أبدًا؟ تحركت يداها دون تفكير، تبحث عن لمسة أخيرة لكل واحد منهم.

لكن قبل أن تفعل، رمقتها "تيرا" بنظرة صارمة جعلتها تتوقف.

نظرتها كانت تقول بوضوح: 
"الحنين أناني."

الاحتفال المئوي لم يكن عنها. بل كان عن إنقاذ مملكتها. شعبها.

شعرت "إيسلا" بالتأنيب، فاعتدلت في وقفتها. نهضت ببطء، وكان ثقل التاج على رأسها يفوق وزنه الحقيقي. 
قالت بصوت ثابت: "أعرف ما يجب علي فعله." 
كل حاكم يصل إلى الاحتفال المئوي ومعه خطة. أما خطة "تيرا" و"بوبي"، فقد غرستاها في عقل "إيسلا" منذ طفولتها. 
"سأتبع أوامركما."

قالت "تيرا": "جيد. لأنكِ أملنا الوحيد."

كان قصر "الوايلدلينغ" أقرب للطبيعة منه للبناء. ممراته جسور، وأشجار تمدّ أغصانها داخل الممرات، تتعلق بثوب "إيسلا" برقة وكأنها تودّعها. 
أوراق الأشجار تهمس على جانبيها وهي تمرّ عبر غرفٍ لا يُسمح لها بدخولها، و"بوبي" و"تيرا" خلفها. 
زحفت الكروم على الجدران، وراحت الطيور تدخل وتخرج كما تشاء. 
الريح تعوي في الممرات، فتجعل عباءتها تتطاير خلفها.

كانت ترتدي الأخضر الداكن تكريمًا لمملكتها، قماشًا يلتف حول صدرها وخصرها وركبتيها، ويتجمع عند قدميها. 
أما عباءتها، فكانت من نسيجٍ شفافٍ رقيق، بالكاد يخفي ما تحته، حتى أن وظيفته التقليدية في ستر الجسد بدت رمزية أكثر منها واقعية.
ذلك الخيار، رغم أنه بدا غير تقليدي، كان يُعبّر عن مملكتها بقدر ما يُعبّر عنها اللون الذي ترتديه.

لطالما افتخر أبناء "الوايلدلينغ" بأجسادهم، وجمالهم، وقدراتهم. كانوا يحبّون بجنون، ويعيشون بحرية، ويقاتلون بشراسة.

قبل خمسمئة عام، أصابت اللعنات الممالك الست: "وايلدلينغ"، "ستارلينغ"، "مونلينغ"، "سكاي لينغ"، "سانلينغ"، و"نايتشيد". تحوّلت نقاط قوتهم إلى سموم خاصة بهم. وكانت كل لعنة شريرة بطريقتها الفريدة.

أما لعنة "الوايلدلينغ"، فكانت مزدوجة: 
أُصيبوا بلعنة تقتل كل من يحبّونه، وأُجبروا على العيش فقط على قلوب البشر. 
تحوّلوا إلى وحوش جميلة بشكل مخيف، يملكون قدرة شريرة على الإغواء بنظرة واحدة.

ومنذ ذلك الحين، قُتل الآلاف من رجال ونساء "الوايلدلينغ". 
أصبح الحب محرّمًا. متهورًا. 
قلّ عدد المواليد... وكانت البنات دائمًا أكثر عددًا في مملكتهم. 
ورغم أن الحب له أشكال متعددة، إلا أن الرجال كانوا يُقتلون أكثر عند خرق القواعد، حتى أصبحت المملكة تدريجيًا مجتمعًا صغيرًا من النساء المحاربات. 
مخيفات. مكروهات. ضعيفات، لأن قلة العدد تعني قلة القوة.

وكان الاحتفال المئوي هو الفرصة الوحيدة لإنهاء تلك اللعنات، فرصتهم الوحيدة لاستعادة مجدهم القديم، واسترجاع القوة التي افتقدوها بشدة. وكانت "إيسلا" أملهم الوحيد.

أنتِ أملنا الوحيد...

سمعتهم قبل أن تراهم. يرددون كلماتهم القديمة، ويصطدمون سيوفهم ببعضها وكأنها آلات موسيقية. 
كانت سيطرة "الوايلدلينغ" على الطبيعة واضحة تمامًا. 
الزهور تفتحت وانسكبت من الشرفة إلى الممر، ولم تتوقف حتى وصلت إلى قدميها. 
نمت بسرعة، وتضاعفت فوق بعضها، حتى شكّلت بركة من بتلات ارتفعت إلى كاحليها.

وفقًا للأساطير، قبل ألف عام، كان أبناء "الوايلدلينغ" قادرين على إنبات غابات كاملة بمجرد فكرة، وتحريك الجبال بإشارة من أيديهم.

أما الآن، وبعد قرون من اللعنة، وابتعادهم عن قوة الجزيرة، فقد تضاءلت قدراتهم حتى أصبحت لا تتعدى خدعًا بسيطة.

سارت "إيسلا" بحذر فوق الزهور، حتى انتهت جدران القصر وواجهت مئات من أبناء "الوايلدلينغ" يهتفون لها.

كانت الأشجار من فوقها تتفتح بثمار الكرز والتوت وزهور حمراء كالدم، تتساقط على الحشود كأمطار ملونة. 
وتسللت الحيوانات من الغابة إلى التجمع، وجلست بجانب أصحابها...
تختلف قدرات "الوايلدلينغ" في التحكم بالطبيعة، لكنها غالبًا ما تشمل ارتباطًا فطريًا بالحيوانا
ت—"تيرا" كانت تملك نمرًا أسود يُدعى "شادو"، تتحدث إليه بسهولة كما تتحدث إلى "إيسلا". أما "بوبي"، فكان طائر طنان يحب أن يختبئ في شعرها.

وحين أومأت "إيسلا" برأسها، خيّم الصمت على الحشود.

قالت بصوتٍ رسمي: 
"يشرفني أن أمثّل مملكتنا في هذا الاحتفال المئوي." 
خفق قلبها بسرعة، كأن الطبول تدق داخل عظامها. 
نظرت إلى الوجوه أمامها—جميلة، ومليئة بالأمل. 
بعضهم ارتدى فساتين مصنوعة من قطع قماش متشابكة بأوراق وأغصان. 
وبعضهم لم يرتدِ شيئًا مميزاً سوى سيوف تتدلّى على ظهورهم. 
وبعضهم كان قد تغذّى للتو، وشفاههم ملطخة بالأحمر الداكن.

نظرت "إيسلا" وحاولت ألا ترتجف. 
ألا يتصدّع صوتها، أو يتعثر، أو يجعلهم يتساءلون للحظة: لماذا تختبئ حاكمتهم خلف جدران قصرها السميكة؟ 
لماذا يُمنع الخدم من دخول جناحها؟ 
وحاولت ألا تفكر كم من هؤلاء "الوايلدلينغ" سمعوا هذا الإعلان ذاته قبل مئة عام، من حاكمٍ آخر—وكم منهم ما زال حيًا بعد سلسلة الوفيات الأخيرة.

قدّمت "إيسلا" وعدًا، لأن هذا ما كان شعبها ينتظره—طمأنينة، وقوة. 
قالت بصوتٍ ثابت: "أتعهد بتحطيم لعنتنا إلى الأبد."

وكان من حقهم أن يقلقوا. 
ففشل "إيسلا" يعني أن مصيرهم سيكون الضياع لقرنٍ آخر على الأقل. 
وقد فشلت أربع احتفالات مئوية من قبل. 
شدّت "إيسلا" على أسنانها، تنتظر أن يكتشفوا حقيقتها، أن يخيب ظنها في قدرتها على منحهم ما يريدون.

لكن هواء الصباح اشتعل بالهتافات، والسيوف المرفوعة عاليًا. 
صرخت الطيور من أعالي الأشجار، وتمايلت الأوراق في هديرٍ قوي. 
تنفّست "إيسلا" الصعداء، وسارت نحو الدرج، تغطيها بتلات الزهور، والطبيعة تتفتح تحت قدميها، بينما انقسم الحشد ليصنع لها طريقًا نحو أقدم شجرتين توأم في المملكة.

كانت جذورهما ترتفع في الهواء، ثم تتشابك لتشكّل قوسًا شاهقًا، دائريًا كمرآة. 
على الجانب الآخر من الغابة، كان ينتظرها عالمٌ مألوف وآمن. 
لكنها لم تكن متجهة إليه.

ابتلعت ريقها. 
لقد كانت تستعد لهذه اللحظة طوال حياتها. 
وها هي يدا "تيرا" و"بوبي" تستقران على كتفيها...
سارت "إيسلا" عبر البوابة التي لا تُفتح إلا مرة كل مئة عام، وكلماتها الأخيرة لحراسها ما زالت تتردد في ذهنها: 
"سأتّبع أوامركم."

وتمنّت لو أنها لم تكن كذبة.

تعليقات

المشاركات الشائعة