لايت لارك | الفصل الرابع

 [3]  
(القوانين)
-------


وُلدت إيسلا دون لعنة الوايلدلينغز ، ودون قوتهم أيضًا. 

ومنذ ولادتها، عاشت في عزلة، محمية من قبل بوبي وتيرا، خوفًا من أن يكتشف عالمها سرّها.


وكانت والدتها السبب. فقد خرقت أهم قاعدة لدى الوايلدلينغز....وقعت في الحب. ثم فشلت في قتله. 

كانت تيرا وبوبي تقولان دائمًا إن خرق القوانين له عواقب... وأن اللعنات، مهما طال الزمن، تجد طريقها إلى الدم. والد إيسلا قتل والدتها بعد لحظات من ولادتها، وكانت الطفلة الناتجة بلا قوة....لعنتها الخاصة، نتيجة لنجاة والدتها من اللعنة الأولى بطريقة ما.


لعنة إيسلا لم تكن أكل القلوب أو قتل من تحب. لكنها وُلدت حاكمة بلا قوى، وهذا بحد ذاته كان خطرًا قاتلًا.

كان من المتوقع أن يضخّ الحكّام قوتهم في أراضيهم ليحافظوا على قوة شعوبهم. ولهذا كانت لايت لارك مشبعة بالطاقة، وبهذه الطريقة تمكنت العوالم من البقاء في الأراضي الجديدة التي أنشأوها بعد فرارهم من الجزيرة. لكن بما أن إيسلا لم تكن تملك قوة تمنحها، كانت مملكتها تذبل ببطء. حتى الآن، كان شعبها يلوم اللعنات وطول فترة الابتعاد عن لايت لارك على حالات الوفاة. لكن البعض بدأ يشكّ في أيسلا نفسها.


وكان هذا أعظم أسرارها. سرّ لو انكشف في احتفال المئوية، سيكون بمثابة حكم بالإعدام.


فحسب نبوءة العرّافة، يجب أن يموت أحد الحكّام الستة لكسر اللعنات. لكن الأمر كان أسوأ من ذلك. فقوة الحاكم هي بمثابة روح حياة شعبه. وإذا مات دون وريث....


فإن شعبه سيموت معه.


هذه كانت قواعد اللعبة. كسر اللعنات يعني القضاء على مملكة كاملة.


أما أول احتفال مئوي، فقد كان حمّام دم. كل الحكّام المدعوين حاولوا قتل بعضهم، وكثير من سكان الجزيرة وقعوا وسط النيران المتبادلة. لكن رؤساء العوالم كانوا ماهرين للغاية، وقدماء جدًا بالفعل... 

انتهت الأيام المئة الأولى دون أن يموت أي من الحكّام، وبقيت اللعنات كما هي. فتم اتخاذ قرار بأن الاحتفالات المئوية القادمة يجب أن تكون أكثر تنظيمًا.


تقرر أن تكون هناك قوانين.


وقف أورو على درجات العرش الذهبي، بدلًا من الجلوس عليه. وكان هذا أول ما لاحظته إيسلا عندما دخلت القاعة الكبرى. بدا أن القادة دائمًا ما يحرصون على تذكير من حولهم بسلطتهم. ففي زياراتها القليلة لأرض المونلينغ الجديدة، رأت تماثيل جليدية لا تُحصى منحوتة على هيئة الحاكم، وسمعت سكان المونلينغ يتحدثون عن دفع مستحقاتهم الشهرية، ورأت الدوريات التي كانت كليو تُبقيها تجوب الشوارع باستمرار.


هل هناك سبب يجعل الملك مترددًا في الجلوس على عرشه؟


ثم لاحظت شيئًا آخر: ست ثريات نارية تتداخل في السقف، تعكس وهج النيران المشتعلة في أربعة مواقد. تذكّرت تعليق مساعدتها: الملك لا يريد لأي من المواقد أن تنطفئ.


لكن لماذا؟


اجتمع الحكّام في دائرة، ووقفت إيسلا شامخة، متجاهلة وخزة الجوع في معدتها. لقد تسللت إلى المطبخ في وقت مبكر من ذلك الصباح، لكن كل ما تمكنت من الحصول عليه كان خبزًا يابسًا، وبعض الفاكهة التي تشبه إلى حد ما فاكهة المورا من أرض الوايلدلينغ، وكوبًا من الحليب. كانت بحاجة إلى حل طويل الأمد لمشكلة الطعام.


على الجانب الآخر، بدت سيليست مرتاحة ونضرة البشرة. تخيلت إيسلا أن صديقتها زارت جزيرة الستارلينغ لأول مرة ذلك الصباح. ربما أقيم لها حفل تكريم هناك. فبسبب غياب القادة عن شعوبهم بشكل منتظم، أنشأ سكان الساكيلينغ والستارلينغ والمونلينغ الذين بقوا في لايت لارك أنظمة حكم فرعية خاصة بهم. وأصبح حكّامهم يُنظر إليهم كأنهم عظماء تقريبًا، رموز لا تُرى إلا لبضعة أشهر كل مئة عام. وكان من المعتاد أن يقضي الحكّام معظم وقتهم في الأراضي الرئيسية خلال احتفال المئوية، لكن كانت هناك استثناءات أحيانًا.


لطالما تساءلت إيسلا عن شكل الجزر المختلفة التي تُكوّن لايت لارك. كانت تتمنى أن تسأل صديقتها عن كل شيء، وتتمنى لو أنها تعرف كيف تستخدم عصا النجوم للتنقل بين المسافات القصيرة، حتى تتمكن من الظهور في غرفة سيليست متى أرادت. لكن بدلًا من ذلك كان عليها أن تعتمد على الممرات لتلتقي بصديقتها، فالتقاؤهما كثيرًا في هذه المرحلة المبكرة من اللعبة كان مخاطرة كبيرة.


استدارت إيسلا، ووجدت نفسها دون قصد في طريق كليو. حدّقت فيها المونلينغ باهتمام زائد، وكانت في نظرتها لمعة حادة...كأنها مفترسة تقيّم فريستها.


كانت إيسلا متأكدة أنها ستدفع ثمن تعليقها في الليلة السابقة.


أخيرًا، تحدث أورو.  

"لنبدأ بذكر قوانين الاحتفال المئوي."


كان الجو مشحونًا، نابضًا بالطاقة.


"القانون الأول: لا يُسمح لأي حاكم باغتيال أو محاولة اغتيال حاكم آخر قبل اليوم الخمسين." 

شعرت إيسلا بالارتياح. فعلى الأقل خلال نصف مدة الاحتفال، ستكون بأمان، سواء كانت تملك قوة أم لا. ولهذا خططت هي وسيليست لمغادرة الجزيرة قبل حفلة اليوم الخمسين.  

"وعندما يتم تحديد الأزواج في اليوم الخامس والعشرين، لا يُسمح للحاكم باغتيال شريكه."


بعد الفوضى التي شهدها أول احتفال مئوي، أصبحت الأيام المئة أكثر تنظيمًا، وقُسمت إلى مراحل. خُصصت أول خمسة وعشرين يومًا لعروض يقدمها كل حاكم، تهدف إلى اختبار قدرات الآخرين...القوة والجدارة بالبقاء على قيد الحياة كانت محور الاختبارات. كل اختبار له فائز، والحاكم الذي يفوز بأكبر عدد منها هو من يقرر كيف سيتم تقسيم الأزواج لبقية أيام الاحتفال المئوي.


"القانون الثاني: يجب على جميع الحكّام حضور والمشاركة في كل فعالية من فعاليات الاحتفال."

 بدا هذا القانون بسيطًا، لكنه يحمل خطرًا حسب نوع الفعاليات.


"القانون الثالث  : لا يُسمح لأي حاكم مشارك إن يكون لديه وريث."

 فبحسب النبوءة موت الحاكم بدون وريث يعني نهاية سلالته وكسر اللعنة ، لكنه أيضًا يعني نهاية مملكته إلى الأبد.


كل حاكم تلقى دعوة للاحتفال المئوي تتضمن هذه القوانين. قبول الدعوة يعني قبول هذه البنود الثلاثة.


لكن كل وعد مهم يُختم بالدم.


بمجرد حركة من معصم الملك، اندلعت نار في وسط الدائرة التي وقفوا فيها. وكانت إيسلا تعرف تمامًا ما سيحدث بعد ذلك.


لقد جعلتها بوبي تتدرّب على هذا الطقس مرارًا وتكرارًا، حتى لا ترتجف! كانت تُخاط جراحها، فقط ليُعاد فتحها من جديد...مرة بعد مرة، كانت تُعيد الأمر حتى لم تعد تُظهر أي رد فعل تجاه الألم.


وبتناغم مع الآخرين، نزعت إيسلا التاج عن رأسها، واستخدمت أكثر نقطة حادة فيه لتشق راحة يدها بجرح عميق.


لم ترتجف. كانت بوبي ستفخر بها.


وقبل أن تقدم سيل الدم للنار، كان هناك جزء آخر من الطقس قد تدربت عليه. فدم كل حاكم له خصائص خاصة، تتوافق مع قدراته. وكان من المفترض أن دم الوايلدلينغ يُنبت الزهور.


وكانت إيسلا مستعدة، فقد خبأت بتلات بين أصابعها. وعندما بدأ دمها ينساب من راحة يدها، حمل معه وردة صغيرة.


دم كليو تجمّد وتحول إلى جليد قبل أن تحرقه النار. 

دم غريم أصبح داكنًا كالحبر.

 دم أزول ظل معلقًا في الهواء، وانقسم إلى أجزاء، ثم سقط أخيرًا.

 دم سيليست انفجر في شرارات متوهجة.

 أما دم أورو، فقد اشتعل قبل أن يصل إلى اللهب.


تحولت النار إلى لون قرمزي، ملوثة بدمائهم...ثم اختفت.


الآن، أصبحوا مرتبطين بالقوانين. وكسرها له عواقب. بالنسبة لإيسلا، وسيليست، وغريم، وكليو، وأزول، فإن ذلك يعني التنازل عن حقهم في جائزة الاحتفال المئوي: القوة الخارقة التي قالت النبوءة إنها ستُمنح لمن يكسر جميع اللعنات. وكان أورو، بصفته الملك ومضيف الاحتفال، مرتبطًا بالقوانين بحياته.


هل هذا هو السبب الذي جعله ينقذ إيسلا؟


هل كان مضطرًا لذلك؟ لم يكن واضحًا كيف تدخل الحوادث غير المقصودة في النبوءة، خاصة ما يتعلق بالموت.


لكن ما كان واضحًا هو أن ملك لايت لارك لديه خطة. ويبدو أنها تتضمن بقاء إيسلا على قيد الحياة.


على الأقل... حتى يحين الوقت الذي يريد فيه موتها.


تعليقات

المشاركات الشائعة