14
في تلك الليلة ، عند الساعة الثامنة والنصف، دخل دوريان غراي إلى غرفة استقبال السيدة ناربورغ، مرتديًا ثيابًا أنيقة للغاية، وبزهرة بنفسج من تتوسط طيّة سترته، بينما انحنى له الخدم بتحية رسمية.
كان يشعر بألم في جبهته من شدّة التوتر، ، لكن تصرّفاته كانت هادئة ومهذّبة كالعادة، خاصة حين انحنى ليقبّل يد مضيفته.
من المؤكد أن من رأى دوريان تلك الليلة لم يكن ليصدق أنه عاش تراجيديا مرعبة بكل المقاييس. فمن يصدق أن تلك الأصابع الجميلة قد أمسكت سكينًا لارتكاب جريمة ؟ أو أن تلك الشفاه المبتسمة قد صرخت يومًا ضد الله والفضيلة؟ حتى هو نفسه استغرب من هدوئه، وشعر، لوهلة، بلذّة الحياة مزدوجة.
كانت المناسبة حفلة صغيرة، دُبرت بشكل سريع من قِبل السيدة ناربورغ، وهي امرأة ذكية جدًا، كانت زوجة مثالية لأحد الدبلوماسين المملّين، وبعد أن دفنته في ضريح من الرخام صممته بنفسها، زوّجت بناتها لرجال أثرياء ومتقدمين في السن، ثم كرّست حياتها لاحقًا للاستمتاع بالأدب ، والمطبخ .
كان دوريان غراي من المقرّبين إليها، ودائمًا ما أخبرته أنها سعيدة جدًا ...
"أعلم يا عزيزي، لو كنت قد عرفتك في شبابي، لكنت وقعت في حبك بجنون، ورميت قبعتي فوق الطواحين من أجلك! من حسن الحظ أنك لم تكن موجودًا حينها. وقتها كانت القبعات قبيحة جدًا، والطواحين مشغولة بمحاولة توليد الرياح، فلم أُعجب بأحد قط. لكن في الحقيقة، كان ذلك خطأ ناربورغ. كان يعاني من قصر نظر شديد، ولا متعة في الزواج من رجل لا يرى شيئًا!"
أما ضيوفها في تلك الليلة، فكانوا مملّين نوعًا ما. وكما شرحت لدوريان وهي تختبئ خلف مروحة قديمة، فإن إحدى بناتها المتزوجات جاءت فجأة لزيارتها، والأسوأ أنها أحضرت زوجها معها.
همست له:
"أعتقد أن هذا تصرّف غير لطيف منها يا عزيزي. بالطبع أنا أزورهم كل صيف بعد عودتي من هومبورغ، فامرأة عجوز مثلي تحتاج إلى هواء نقي أحيانًا، وبصراحة، أنا من يوقظهم من سباتهم! لا تعرف كيف يعيشون هناك… حياة ريفية خالصة. يستيقظون مبكرًا لأن لديهم الكثير من الأعمال، وينامون مبكرًا لأن ليس لديهم ما يفكرون فيه. لم تحدث فضيحة في منطقتهم منذ عهد الملكة إليزابيث، ولهذا ينام الجميع بعد العشاء. لن أجعلك تجلس بجانب أيٍّ منهما. ستجلس بجانبي… وتسلّيني."
أجابها دوريان بكلمة لطيفة، ثم نظر حول الغرفة. نعم، كانت حفلة مملة فعلًا. اثنان من الحضور لم يسبق له أن رآهما، والبقية كانوا: إرنست هاروودن، أحد أولئك الرجال متوسطي العمر الذين يكثرون في نوادي لندن، لا أعداء لهم، لكن حتى أصدقاؤهم لا يحبونهم؛ والليدي روكستون، امرأة في السابعة والأربعين، ترتدي أكثر مما ينبغي، بأنف معقوف، تحاول دائما ان تطهر نفسها ، كانت عادية الملامح لدرجة أن لا أحد يصدّق عنها شيئًا، مما كان يُحبطها بشدة.
كانت هناك السيدة إيرلين، امرأة متسلقة لا يعرفها أحد، تتحدث بلكنة لطيفة، وشعرها أحمر بلون البندقية؛ والليدي أليس تشابمان، ابنة المضيفة، فتاة باهتة ومملة، بوجه تقليدي لا يُنسى لأنه لا يُذكر؛ وزوجها، رجل ممتلئ الخدين، أبيض الشوارب.
شعر دوريان بالندم لأنه حضر، إلى أن نظرت الليدي ناربورغ إلى ساعة ذهبية ضخمة على رف المدفأة المغطى بقماش بنفسجي، وقالت:
"كم هو فظيع من هنري ووتون أن يتأخر هكذا! أرسلت له دعوة هذا الصباح، وقد وعدني ألا يخذلني."
كان من المريح أن هنري سيحضر، وما إن فُتح الباب وسمع صوته الهادئ العذب وهو يقدّم اعتذارًا غير صادق، حتى زال عنه الملل.
لكن أثناء العشاء، لم يستطع دوريان أن يأكل شيئًا. طبقٌ بعد آخر يُرفع دون أن يلمسه. وكانت الليدي ناربورغ توبّخه، وتقول إن ذلك "إهانة للطاهي أدولف المسكين، الذي اخترع قائمة الطعام خصيصًا له." وكان اللورد هنري ينظر إليه من حين لآخر، متعجبًا من صمته وشروده. وكان الساقي يملأ كأسه بالشراب بين الحين والآخر، فيشربها بشغف، ويزداد عطشه.
قال اللورد هنري أخيرًا، بينما يُقدّم طبق "شود-فرويد":
"دوريان، ما بك الليلة؟ تبدو خارج المزاج تمامًا."
صرخت الليدي ناربورغ مازحة:
"أعتقد أنه واقع في الحب، ويخشى أن يخبرني حتى لا أغار! وهو محق، سأغار بالتأكيد."
ابتسم دوريان وقال بهدوء:
"عزيزتي الليدي ناربورغ، لم أقع في الحب منذ أسبوع كامل — في الواقع، منذ أن غادرت مدام دي فيرول المدينة."
فقالت السيدة العجوز باستغراب:
"كيف يمكنكم أن تقعوا في حب تلك المرأة؟! لا أفهم ذلك إطلاقًا."
قال هنري، وهو يلتقط زيتونة بأصابعه الطويلة:
" عندما ترتدي فستانًا أنيقًا، تبدو وكأنها نسخة فاخرة من رواية فرنسية . لكنها مذهلة فعلًا، مليئة بالمفاجآت. قدرتها على إظهار العاطفة العائلية مذهلة. عندما مات زوجها الثالث، تحوّل لون شعرها إلى الذهبي من شدّة الحزن."
صرخ دوريان مستنكرًا:
"هاري! كيف تقول ذلك؟"
ضحكت المضيفة وقالت:
"يا لها من قصة رومانسية! لكن زوجها الثالث؟ لا تقصد أن فيرول هو الرابع؟"
أجاب هنري بثقة:
"بلى، يا ليدي ناربورغ."
قالت:
"لا أصدق كلمة واحدة."
فقال:
"اسألي السيد غراي. إنه من أقرب أصدقائها."
سألتها:
"هل هذا صحيح يا سيد غراي؟"
أجاب دوريان:
"هي تؤكد ذلك، يا ليدي ناربورغ. سألتها إن كانت، مثل مارغريت دي نافار، تحتفظ بقلوب أزواجها محنّطة وتعلّقها على خصرها. فقالت لي إنها لا تفعل، لأن أيًّا منهم لم يكن يملك قلبًا أصلًا."
قالت الليدي ناربورغ بدهشة:
"أربعة أزواج! بحق الله، هذا كثير من الحماسة."
فقال دوريان مازحًا:
"قلت لها إنه كثير من الجرأة."
ضحكت السيدة وقالت:
"أوه، إنها جريئة بما يكفي لأي شيء، يا عزيزي. وماذا عن فيرول؟ لا أعرفه."
قال اللورد هنري، وهو يحتسي الشراب :
"أزواج النساء الجميلات جدًا ينتمون عادة إلى الطبقات الإجرامية."
فضربته الليدي ناربورغ بمروحتها وقالت:
"لورد هنري، لا أستغرب أبدًا أن العالم يقول إنك شرير للغاية."
"لكن أي عالم يقول ذلك؟" سأل اللورد هنري، رافعًا حاجبيه.
"لا بد أنه العالم الآخر. أما هذا العالم، فبيننا علاقة ممتازة."
قالت السيدة العجوز وهي تهز رأسها:
"كل من أعرفه يقول إنك شرير جدًا."
بدا اللورد هنري جادًا للحظة، ثم قال:
"إنه لأمر فظيع فعلًا… كيف أصبح الناس هذه الأيام يتحدثون عنك من خلف ظهرك بأشياء صحيحة تمامًا!"
ردّت المضيفة ضاحكة:
"أتمنى ذلك! لكن إن كنتم جميعًا تمدحون مدام دي فيرول بهذه الطريقة السخيفة، فسأضطر للزواج مرة أخرى لأكون على الموضة."
قاطعها اللورد هنري:
"لن تتزوجي مرة أخرى يا ليدي ناربورغ. لقد كنتِ سعيدة جدًا. المرأة تتزوج مرة ثانية لأنها كرهت زوجها الأول، أما الرجل فيتزوج مرة ثانية لأنه أحب زوجته الأولى. النساء يجربن حظهن، والرجال يخاطرون به."
صرخت السيدة:
"لكن ناربورغ لم يكن مثاليًا!"
فردّ هنري:
"لو كان كذلك، لما أحببته يا سيدتي. النساء يحببننا بسبب عيوبنا. وإذا كانت لدينا ما يكفي منها، فإنهن يسامحننا على كل شيء… . أخشى أنك لن تدعينني للعشاء مرة أخرى بعد هذا الكلام، يا ليدي ناربورغ، لكنه صحيح تمامًا."
قالت السيدة بابتسامة:
"بالطبع هو صحيح يا لورد هنري. لو لم نحبكم بسبب عيوبكم، فأين كنتم ستكونون؟ لا أحد منكم كان سيتزوج. كنتم ستبقون مجموعة من العزاب التعساء. رغم أن ذلك لن يغيّركم كثيرًا… فاليوم، كل الرجال المتزوجين يعيشون كالعزاب، وكل العزاب يعيشون كأنهم متزوجون."
قال اللورد هنري:
"نهاية القرن."
فأجابته المضيفة مازحة:
"نهاية العالم."
تنهد دوريان وقال:
"أتمنى لو كانت نهاية العالم فعلًا… الحياة خيبة كبيرة."
"آه يا عزيزي!" صاحت الليدي ناربورغ وهي ترتدي قفازها،
"لا تقل لي إنك استنزفت الحياة. عندما يقول الرجل ذلك، نعلم أن الحياة هي من استنزفته. اللورد هنري شرير جدًا، وأحيانًا أتمنى لو كنت مثله… لكنك خُلقت لتكون طيبًا — أنت تبدو طيبًا جدًا. يجب أن أجد لك زوجة لطيفة. لورد هنري، ألا ترى أن السيد غراي يجب أن يتزوج؟"
قال اللورد هنري وهو ينحني:
"أنا دائمًا أقول له ذلك، يا ليدي ناربورغ."
قالت بحماس:
"حسنًا، علينا أن نبحث له عن شريكة مناسبة. سأراجع دليل ديبريت الليلة بعناية، وأضع قائمة بكل الفتيات المؤهلات."
سألها دوريان مازحًا:
"مع أعمارهن، يا ليدي ناربورغ؟"
أجابت مبتسمة:
"بالطبع، مع أعمارهن… بعد تعديل بسيط. لكن لا يجب أن نتسرّع. أريدها أن تكون كما تسميها صحيفة *ذا مورنينغ بوست* 'رابطة مناسبة'، وأريد لكما السعادة."
قال اللورد هنري ساخرًا:
"يا له من كلام فارغ عن الزواج السعيد! الرجل يمكن أن يكون سعيدًا مع أي امرأة… طالما أنه لا يحبها."
صرخت السيدة العجوز وهي تدفع كرسيها للخلف وتومئ لليدي روكستون:
"آه، كم أنت ساخر! يجب أن تأتي لتتناول العشاء معي قريبًا. أنت منشّط رائع، أفضل بكثير مما يصفه لي السير أندرو. فقط أخبرني من ترغب أن تلتقي بهم. أريدها سهرة ممتعة."
قال هنري مبتسمًا:
"أحب الرجال الذين لهم مستقبل، والنساء اللواتي لهن ماضٍ… أو هل تعتقدين أن ذلك سيجعلها حفلة نسائية بامتياز؟"
ضحكت وقالت وهي تنهض:
"أخشى ذلك."
ثم التفتت إلى الليدي روكستون وقالت:
"ألف عذر يا عزيزتي، لم أنتبه أنك لم تنتهي من سيجارتك."
فأجابت الليدي روكستون:
"لا بأس يا ليدي ناربورغ. أنا أدخّن كثيرًا جدًا. سأبدأ بتقليل ذلك من الآن فصاعدًا."
قال اللورد هنري:
"أرجوكِ لا تفعلي ذلك يا ليدي روكستون. الاعتدال شيء قاتل. الكفاية سيئة كوجبة عادية، أما الزيادة فهي مثل وليمة."
نظرت إليه الليدي روكستون بفضول وقالت وهي تغادر الغرفة:
"يجب أن تأتي وتشرح لي هذه النظرية في إحدى الأمسيات يا لورد هنري. تبدو ممتعة جدًا."
ثم صاحت الليدي ناربورغ من عند الباب:
"لا تطيلوا في الحديث عن السياسة والفضائح! إن فعلتم، فسنبدأ الشجار في الطابق العلوي!"
ضحك الرجال، ونهض السيد تشابمان من طرف الطاولة وتقدّم نحو المقدمة. غيّر دوريان مكانه وجلس بجانب اللورد هنري.
ابتسم اللورد هنري، ثم التفت إلى دوريان وسأله:
"هل تشعر بتحسّن يا عزيزي؟ بدا عليك التعب أثناء العشاء."
أجاب دوريان:
"أنا بخير يا هنري. فقط أشعر بالإرهاق، لا أكثر."
قال هنري:
"كنت رائعًا الليلة الماضية. الدوقة الصغيرة مغرمة بك تمامًا. أخبرتني أنها ستذهب إلى سيلبي."
قال دوريان:
"لقد وعدت أن تأتي في العشرين من هذا الشهر."
قال هنري :
" إنها ذكية جدًا… أكثر مما ينبغي لامرأة. ، قدماها جميلتان جدًا، لكنهما ليستا من طين. ربما من خزف أبيض، ."
سأل دوريان:
"منذ متى وهي متزوجة؟"
أجاب هنري:
"تقول إنها منذ الأبد. أعتقد، حسب دليل النبلاء، أنها عشر سنوات، لكن عشر سنوات مع مونماوث لا بد أنها كانت كالأبد… مع الزمن مضافًا إليه. بالمناسبة، يا دوريان، لقد غادرت مبكرًا جدًا الليلة الماضية. قبل الحادية عشرة. ماذا فعلت بعدها؟ هل ذهبت مباشرة إلى المنزل؟"
نظر دوريان إليه بسرعة، وقطّب حاجبيه، ثم قال:
"لا، يا هنري… لم أصل إلى المنزل إلا قرابة الثالثة."
سأله هنري:
"هل ذهبت إلى النادي؟"
أجاب دوريان:
"نعم." ثم عضّ شفتيه وأضاف:
"لا، لا أقصد ذلك. لم أذهب إلى النادي. تجولت… لا أتذكر ماذا فعلت بالضبط… يا لك من فضولي يا هنري! دائمًا تريد أن تعرف ما يفعله الناس، وأنا دائمًا أحاول أن أنسى ما فعلته. عدت في الثانية والنصف، إن أردت معرفة الوقت بالضبط. كنت قد نسيت مفتاح الباب، واضطر خادمي ليفتح لي. إن أردت دليلًا إضافيًا، يمكنك أن تسأله."
هزّ اللورد هنري كتفيه وقال:
"يا عزيزي، وكأنني أهتم!"
ثم أضاف:
"هيا بنا نصعد إلى غرفة الاستقبال..."
قال اللورد هنري وهو يهمّ بالصعود:
"شيء ما حدث لك يا دوريان. أخبرني، ما الأمر؟ لست على طبيعتك الليلة."
ردّ دوريان:
"لا تهتم بي يا هنري. أنا متوتر، وفي مزاج سيئ. سأزورك غدًا أو بعد غد. أبلغ اعتذاري لليدي ناربورغ. لن أصعد. سأعود إلى المنزل. يجب أن أعود."
قال هنري بهدوء:
"حسنًا يا دوريان. أعتقد أنني سأراك غدًا وقت الشاي. الدوقة ستكون هناك."
قال دوريان وهو يغادر الغرفة:
"سأحاول أن أكون هناك يا هنري."
وأثناء عودته إلى منزله، شعر أن ذلك الإحساس بالرعب، الذي ظنّ أنه تخلّص منه، قد عاد إليه من جديد.
أسئلة هنري العفوية أربكته، وأفقدته أعصابه للحظة، وهو بحاجة إلى أعصابه الآن.
الادلة على جريمته يجب أن تُدمّر. ارتجف. كان يكره حتى فكرة لمسها.لكن لا مفر. عليه أن يفعل ذلك.
عندما أغلق باب مكتبته، فتح الخزانة السرية التي أخفى فيها معطف بازل هالوارد وحقيبته. كانت النار مشتعلة بقوة. ألقى حطبًا إضافيًا فيها. ثم القى المعطف والحقيبة عليها .
استغرق الامر منه نحو ربع ساعة حتى أتلف كل شيء ، كانت رائحة احتراق الملابس والجلد كريهة جدًا. شعر دوريان بالدوار والغثيان، فأشعل بعض الحبوب العطرية في مبخرة مثقوبة، وغسل يديه وجبهته بخلّ معطّر برائحة المسك.
---------
عندما دقّت الساعة منتصف الليل، بصوت برونزي يخترق الهواء المعتم، ارتدى دوريان ملابس بسيطة، ولفّ وشاحًا حول عنقه، وخرج من المنزل بهدوء.
في شارع بوند، وجد عربة "هانسوم" يجرّها حصان قوي. أوقفها، وأعطى السائق عنوانًا بصوت منخفض.
هزّ الرجل رأسه وقال:
"المكان بعيد جدًا بالنسبة لي."
فقال دوريان وهو يمدّ له عملة ذهبية:
"هذه لك، وستحصل على أخرى إن قدت بسرعة."
ردّ السائق:
"حسنًا يا سيدي، ستصل خلال ساعة."
وبعد أن صعد دوريان إلى العربة، استدار السائق بحصانه، وانطلق بسرعة نحو النهر.

تعليقات
إرسال تعليق